للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه تظل سباع الجو نافرة ... ولا تمشى بواديه الأراجيل «١»

ولا يزال بواديه أخو ثقة ... مطرح البز والدرسان مأكول «٢»

ومن الابيات نلحظ أن الشاعر بدأ بوصف الرسول وصفا ماديا، فهو كالأسد الذي سكن غابة تكثر فيها السباع قوة وبأسا وكأنه ملكّ عليها فهو الأسد الوحيد بينها الذي له بيت يأوي إليه مما يعطيه فضلا وقوة، وهذا الأسد يخرج في أول النهار يأكل اللحم ويطعم صغاره مما يصطاد وهو يصيد الكثير لقوته وبأسه ولكثرة صيده نرى اللحم ملقى على الأرض متربا ممزق الأوصال، وهذا الأسد لا يحارب أو يفترس إلا حيوانا شجاعا ولا يكترث بالجبناء، وهنا نجد أن الشاعر يمدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فهذا الأسد الذي يشبه الرسول صلّى الله عليه وسلّم به لا يفترس ولا يتعارك إلا مع شجاع قوى مقدام، ولعله يقصد أن الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) عندما أهدر دمه يعد ذلك اعترافا بقوة كعب وبأسه، ولو كان كعب ضعيفا خامل الذكر جبانا لما اهتم الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) بأن يهدر دمه، ثم يعود مرة أخرى إلى الوصف فيتولى: أن هذا الأسد شجاعته لا تدانيها شجاعة حتى أن كافة الأسود في هذا الوادي بالجو وهو موضع واسع كأنه معلق بين السماء والأرض نجد أن هذه الحيوانات خائفة نافرة تخشى هذا الأسد القوى الذي تخافه كافة الحيوانات والناس والدواب الاخرى وإذا رأى هذا الأسد إنسانا أو حيوانا واثقا من نفسه قويا شجاعا لا يجد نفسه إلا مدافعا عن ذويه.


(١) الجو: اسم موضع أو هو ما اتسع من الأدوية أو ما بين السماء والأرض، نافرة: بعيدة ويروي (ضامزة) والضامز: الذي يمسك جرته بفيه ولا يجتر ويروي (ضامرة) أي جياعا لعدم قدرتها على الاصطياد، والأراجيل: الجماعات من الرجال وهو جمع أرجال وأرجال جمع رجل ورجل اسم جمع لراجل يصف هذا الأسد بالقوة حتى خافته السباع والناس.
(٢) أخو ثقة: الشجاع الواثق بشجاعته، ومضرج: مخضب بالدماء ويروي (مطرح) أي مطروح، والبز: السلاح، والدرسان (بضم الدال) : اخلاق الثياب الواحد دريس، ومأكول: أي طعام لذلك الأسد.

<<  <   >  >>