للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول:

أن الرسول نور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول «١»

في عصبة من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما اسلموا زولوا «٢»

زالوا فما زال انكاس ولا كشف ... عند اللقاء ولا ميل معازيل «٣»

شم العرانين أبطال لبوسهم ... من نسج داود في الهيجا سرابيل «٤»

وفيها نرى كعب بن زهير يصف الرسول وصفا روحانيا على غير عادة العرب قبل الإسلام، فالرسول (صلّى الله عليه وسلّم) في نظره نور يهدي إلى الحق، وسيف يزهق الباطل وهذا السيف يلمع فيظهر لمعانه على البعد فيهدي التائهين إلى مكان الجماعة وهذا السيف الهندي هو أعظم السيوف وأنبلها وهو لا يخرج من غمدة إلا لأمر عظيم وكأنما الرسول صلّى الله عليه وسلّم هو نور في حد ذاته وهو سيف هندي صقيل وينعكس هذا النور على هذا السيف الصقيل فيظهر لمعانه على البعد فيهدي الكافرين إلى الصراط المستقيم، وانتقل المسلمون المهتدون بضياء الإسلام وهاجروا إلى المدينة، هاجروا دون ضعف ولا ذلة، هاجروا بإيمانهم للمحافظة على هذا الإيمان، وأن الله سينصرهم على القوم الكافرين المتجبرين الذين


(١) يستضاء به: يهتدي به إلى الحق ويروي (لسيف) في مكان (لنور) وقد كانت عادة العرب إذا أرادوا استدعاء من حولهم من القوم أن يشهروا السيف الصقيل فيبرق فيظهر لمعانة من بعد فيأتون إليه مهتدين بنوره مؤتمين بهديه، شبه الرسول بذلك، والمهند: السيف المطبوع في الهند، والمسلول: المخرج من غمده.
(٢) العصبه: الجماعة ويروى (في فتية) جمع فتى وهو السخى الكريم، زولوا: فعل أمر من زال التامة أي تحولوا وانتقلوا من مكة إلى المدينة.
(٣) الانكاس: جمع نكس (بالكسر) وهو الرجل الضعيف، والكشف: (بضم فسكون وحرك للشعر) جمع أكشف وهو الذي لا ترس معه أو هم الشجعان الذين لا ينكشفون في الحرب أي لا ينهزمون، والميل: جمع أميل وهو الذي لا سيف له أو هو الذي لا يحسن الركوب فيميل عن السرج. والمعازيل: الذين لا سلاح معهم وأحدهم معزال (بكسر الميم) .
(٤) شم: جمع أشم، وهو الذي في قصبة أنفة علو، مع استواء أعلاه. والعرانين: جمع عرنين وهو الأنف، اللبوس: ما يلبس من السلاح. ونسج داود: أي منسوجه وهو الدرع، والهيجا (بالقصر هنا) : الحرب والسرابيل: جمع سربال وهو القميص أو الدرع.

<<  <   >  >>