هرم فهو عطاء دنيوي فحسب، وينهى هذا الجزء برفض ملذات الدنيا، وقد تبين أن اتجاه الإمام إلى مدح النبي كان للاطمئنان بأنه سينال خير الجزاء، بل سينال المغفرة لتلك الذنوب التي اقترفها خلال أيامه الماضية.
وفي الجزء العاشر والأخير ينهى الشاعر قصيدته متوسلا ومناجيا رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو بيت القصيد ويعطي لنفسه الأمل والثقة ثم يتوجه بالدعاء إلى ربه عز وجل، وفي هذا الجزء ثلاثة نداات للإمام البوصيري، نداء لنفسه المخطئة، ونداء لشفاعة الرسول له، ونداء إلى الله ليغفر له الذنوب والخطايا.
وقد نسج الإمام البوصيري قصيدته البردة على منوال قصيدة لسلطان العاشقين الشاعر الصوفي ابن الفارض ومطلعها:
هل نار ليلى بدت بذى سلم ... أم بارق لاح في الزوراء فالعلم
ولعلنا في ضوء دراستنا لقصيدة الإمام البوصيري ندرك التأثير الديني في أسلوبه بما استمده من السيرة النبوية العطرة كما انعكست ثقافته على بنائها، فقد اعتمد الإمام فيها على كثير من الصور البلاغية واختار الكلمات السهلة السلسة والاستعارات الواضحة القيامة والدلالة على ما يقصد من المعنى.
ويقول الدكتور زكي مبارك (البردة ملحمة أدبية كبرى في المدائح النبوية في تاريخ الادب العربي)«١» .