للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلط الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، ويشبه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم بأنه وهو في داره كأنه سيدنا يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت يسبح باسم الله حتى نبذه الحوت على شاطيء الأمان.

ويقول كذلك:

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة ... تمشى إليه على ساق بلا قدم

كأنما سطرت سطرا لما كتبت ... فروعها من بديع الخط في اللقم «١»

مثل الغمامة أني سار سائرة ... تقيه حر وطيس للهجير حمى «٢»

اقسمت بالقمر المنشق أن له ... من قلبه نسمة مبرورة القسم «٣»

ويقطع الإمام البوصيري الشك ياليقين ليقول للجاحدين بالأمس. امن من كانوا على دين النصاري، فهذا الراهب بحيرا يرى غمامة تظلل النبي دون غيره، ثم تأكد من الطعام الذي قدمه له بأنه النبي الذي جاء يبحث عنه في هذه الصحراء، فيقول لأبي طالب: أرجع بابن أخيك فإن له شأنا، هذا الراهب وقع في قلبه الإيمان قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام.

ويختار الإمام البوصيري إيمان الأعرابي أمام أدلة مادية، فعندما جاءه أعرابي وطلب منه إظهار نبوته أمر الأشجار أن تأتي إليه، ثم أمرها أن تعود كما كانت وبهذا الأمر خطت وسطرت الأشجار سطورا على الأرض. مؤكدة معجزة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فامن الإعرابي بعينه بما لم يؤمن به بقلبه.


(١) اللقم: وسط الطريق.
(٢) الوطيس: التنور أي المخبر والمراد به لازمه وهو الحرارة، الهجير هو المهاجرة وهي وسط النهار أيام القيظ.
(٣) وإنشقاق القمر اية ومعجزة من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام حينما سأله كفار مكة عن أية، فأراهم إنشقاق القمر فلقتين، كل فلق فوق جبل، فقال لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: اشهدوا، فقالوا: قد سحر محمد أعيننا فأبعثوا إلى أهل الأفاق لسؤالهم: هل رأوا مثل ما رأينا؟ فأخبر أهل الافاق أنهم رأوه منشقا، فقال الكفار: هذا سحر (البرده المباركة ص ١٥٢) .

<<  <   >  >>