للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النحل والملل والأديان التي سبقت ظهور هذا الرسول قد شجبت إلا أنهم أصروا على غيهم وظلوا في ضلالهم وجهلهم وعلى الرغم من علمهم بأن أديانهم بها أعوجاج إلا أنهم ظلوا على استكبارهم وتماديهم في الباطل.

ويؤكد الإمام البوصيري جحودهم، فإنه يذكر أنهم ظلوا على غيهم على الرغم مما شاهده في الأفق من شهب تهوى من السماء منقضة كالصاعقة لتدمر أصنامهم وهياكلهم.

ويستمر فيقول:

حتى غدا عن طريق الوحى منهزم ... من الشياطين يقفو أثر منهزم

كأنهم هربا أبطال أبرهة ... أو عسكر بالحصى من راحتيه رمى «١»

نبذا به بعدد تسبيح ببطنهما ... نبذا لمسبح من أحشاء ملتقم «٢»

فيؤكد الإمام البوصيري أنه بمجرد نزول الوحي بدأت شياطين البشر وشياطين الجن في الانهزام الواحد أثر الاخر، فكلما حاولوا إيذاء الرسول وإيذاء من آمنوا به أنزل الله بهم الهزيمة فباتوا على كفرهم ملومين، وهذا هو أبو جهل (الحكم بن هشام) يحاول التحريض على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيأمر القوم باختيار شاب قوي من كل قبيلة لقتل الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) ليلة الهجرة، ولكن الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم الذي ظل يسبح بحمد الله يؤمر بالخروج إليهم وإلقاء التراب براحتيه الكريمتين في وجوههم فيصيبهم العمى فلا يشعرون بخروجه ولا يتمكنون من قتله وإيذائه وهو هنا يشبه إنهزام الكافرين من شياطين الجن والأنس بأنهم كجيش أبرهة الذي


(١) أبرهة: كان ملكا لليمن من قبل نجاشي الحبشة قبل البعثة، أراد هدم الكعبة فأهلكة الله وجيشه بطير ألقت عليهم حجارة وقصته مذكورة في القران الكريم.
(٢) نبذا به: أي رميا به أي بالحصا، المسبح: المراد به يونس عليها السلام إذ قال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فنبذه الحوت الذي كان قد التقمه من أحشائه، والمعنى أن معجزة محمد أو ايته هي نجاته- صلّى الله عليه وسلّم- من قومه إذ بيتوا قتله وذلك برميهم بالحصى بعد تسبيحها في راحتيه وحجب الله له عن أبصارهم لاية نجاة يونس عليه السلام بنبذ الحوت إياه عند تسبيحه في بطنه.

<<  <   >  >>