للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يتناول ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام ذاكرا أن المعجزات التي حدثت في هذا اليوم هي دلالات قاطعة على أنه مختار ومصطفى من السماء، ويذكر هذه المعجزات وأهمها ما حدث في فارس، فقد تصدع أيوان كسرى وخدمت نار المجوس، وجفت بحيرة ساوة مما أصاب الناس بالخوف والهلع لهذا الحدث العظيم، إنه مشهد درامى ينقله لنا الإمام البوصيري، فيه تفرقت جماعة كسرى، وجفت عيون الماء وأصيبوا بالظمأ، ووقع القوم في حيرة من أمرهم.

ويطرح بعد ذلك صورة طريفة لنار المجوس وبحيرة ساوة، فقد بدت النار المطفأة كأنما أصابها وابل من البلل فخبت وكأن البحيرة قد أصابتها نار هائلة فتبخر ماؤها وجفت.

ويقول:

والجن تهتف والأنوار ساطعة ... والحق يظهر من معنى ومن كلم

عموا وصموا فاعلان البشائر لم ... تسمع وبارقة الانذار لم تشم «١»

من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم ... بأن دينهم المعوج لم يقم

وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب ... منقضة وفق ما في الأرض من صنم «٢»

والمراد حين علمت الجن بمولد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم من خلال العلامات التي ظهرت، هتفت واستبشرت وقد سطعت أنوار السماء ابتهاجا باقتراب ظهور الحق على لسان الرسول القادم الذي سيظهر المعنى والكلمة لدين الحق من خلال القران الكريم، لكن الكافرين أصابهم العمى والصمم.

وعلى الرغم من البشارة والمعجزات التي صاحبت مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم فإن الكافرين أدعوا الغافلة فلم يسمعوا هذا النداء ولم يروا هذا النور لعلمهم أن فيه نهايتهم، وعلى الرغم من إخبار هؤلاء الكفار من قبل الكهان والرهبان بأن كل


(١) لم تشم: لم تر ولم تنظر.
(٢) وفق: أي الموافق أو المماثل والمقصود من هذه الكلمة الموافقة في سقوطها لسقوط الأصنام في الأرض.

<<  <   >  >>