للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة والسلام فهو يشبهه بلؤلؤة داخل صدفتها يحيط به الجلال من ناحيتين:

ناحية الدين والمنطق، وناحية البشاشة وحسن الاستقبال، ثم يواصل الشاعر مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد الممات فيقول أنه دفن في أكرم وأعطر تربة ضمت جسده الطاهر، فهذه التربة المباركة والتي تنبعث منها رائحة الطيب تفوق رائحتها كل العطور، وبالسعادة من يتنسمها ويشمها ويالهناءة من يقبل هذه التربة الطاهرة «١» .

ومهد الإمام البوصيري لتقديم شخصية الرسول صلّى الله عليه وسلّم بذكر الصفات الحميدة الدالة على مكانة وعظمة الموصوف، فجمع بين الصبر والأمانة والوفاء والكرم والخلق والاستقامة والجمال والقوة والهيبة والجلالة والعلم والسيادة إلى الزهد والاقتناع والفضل والحلم والشرف قبل أن يقدم لنا شخصية الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

ثم يقول الإمام البوصيري:

ابان مولده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدأ منه ومختتم «٢»

يوم تفرس فيه الفرس أنهم ... قد انذروا بحلول البؤس والنقم «٣»

وبات ايوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم «٤»

والنار خامدة الانفاس من أسف ... عليه والنهر ساهي العين من سدم «٥»

وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ... ورد واردها بالغيظ حين ظمى «٦»

كأن بالنار ما بالماء من بلل ... حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم «٧»


(١) هذا شرع غير جائز ولكنه لحبه للرسول (صلّى الله عليه وسلّم) كتبها.
(٢) عنصره: أصله يعنى ما أطيب بدايته ونهايته.
(٣) تفرس: ترسم وتعرف بالظن الصائب، البؤس: العذاب والخوف.
(٤) الأيوان: بيت مستطيل، كسرى: ملك الفرس، منصدع: متشق، ملتئم: مجتمع.
(٥) ساهي العين: ساكنها، سدم: هم أو غيظ مع الأحزان.
(٦) ساوة: بلد من بلاد الفرس بين الرى وهمذان، غاضت: جف ماؤها وأردها: الاتى إليها ليستقي، ظمى: عطش.
(٧) ضرم: التهاب.

<<  <   >  >>