للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريم (صلّى الله عليه وسلّم) إلا بشرا رسولا اصطفاه ربه من بينهم، فهو خيرهم ليهداهم إلى الخير وينشر على يديه نور الإسلام وعلى أيدي صحابته يعم الافاق ويبدد ظلمات الجهالة والكفر.

ويقول:

أكرم بخلق نبى زانه خلق ... بالحسن مشتمل بالبشر مبتسم «١»

كالزهر في ترف والبدر في شرف ... والبحر في كرم والدهر في همم «٢»

كأنه، وهو فرد من جلالته ... في عسكر حين تلقاه وفي حشم «٣»

ليؤكد أن كل ما جاء به الأنبياء من معجزات سابقة كانت قبسا من نوره الموجود منذ الأزل، ولما أصبح النور محمدا وتجسد في كيانه عليه الصلاة والسلام زانه الله بالخلق العظيم. ويشبهه الشاعر بالزهرة في نعومتها والبدر في نوره والبحر في عطائه، ويصف جلال الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه حين تلقاه منفردا فإنك تخشع أمام هيبته وجلاله وتغض النظر مهابة، فهو وإن كان فردا من أفراد البشر إلا أنك تراه عظيما يحيط به عسكره وحشمه وحاشيته.

وكذلك يقول:

كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف ... من معدنى منطلق منه ومبتسم

لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه ... طوبى لمنتشق منه وملتثم «٤»

ولعله هنا يستعير من الطبيعة ما يستعين به في تعبيره عن أفكاره، فهو يستعير من البحر جوهره الثمين ليصف بذلك محاسن الرسول الكريم عليه


(١) مشتمل: ملفوف أي أن الحسن حاطة من كل ناحية، مبتسم: معلم أي أن بشره وطلافقة وجهة من علاماته المميزة وقيل أن متسم متصف.
(٢) ترف: أي رقة وقيل أن الترف هو النعمة والمترف هو المنعم، شرف: علو.
(٣) جلالته: عظم قدره، حشم: خدم.
(٤) الطيب: كل ذي رائحة عطرة، يعدل: يساوي، طوبي: من الطيب قلبوا الياء وواوا لضمة ما قبلها والمراد منها الحسنى والسعادة والجنة. منشق: شام، ملتثم: مقبل، أي أن السعادة لمن يشمه ويقبله.

<<  <   >  >>