للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويريد أن يقول: عندما استجير بالرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم من وقوع الضرر والظلم علىّ من الدهر، أجد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم إلى جواري بروحه وحكمته وبسنته لينير لي الطريق ويرفع عني الظلم، فهو صاحب الفضل على كل من يحبه، وعند التماسي الغني في الدنيا أو في الاخرة تتأكد لي عظمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد سلمني ما التمسته، ثم يؤكد أن رؤيا الرسول صلّى الله عليه وسلّم في المنام رؤيا حق ولا يستطيع الشيطان أن يظهر بصورته صلّى الله عليه وسلّم.

وكذلك قوله:

تبارك الله ما وحى بمكتسب ... ولا نبي على غيب بمهتم «١»

كم أبرأت أوصايا باللمس راحته ... واطلقت اربا من ريقة اللمم «٢»

وأحيت السنة الشهباء دعوته ... حتى حكت غراة في الأعصر الدهم «٣»

بعارض جاد أو خلت البطاح بها ... سيب من اليم أو سيل من العرم «٤»

وفي ذلك يؤكد الإمام البوصيري أن الوحي لا يهبط على إنسان لعمل يقوم به أو بالنسب والحسب، وإنما هو قدر مقدر.

ويظهر الشاعر قدرات الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم على ابراء المرضى وقضاء الحاجات ورفع الكرب عن المكروبين والمأزومين، وأن السنة الطاهرة البيضاء عم بياضها الناصع كل العصور التاريخية السابقة على الرسالة حيث انتشر الظلم والفساد، فقد كانت عصورا مظلمة سوداء، أصبحت بظهور السنة المحمدية وكأنما هي أرض مجدبة قد أرسل الله عليها سحبا ممطرة فغدت خضراء مزدهرة


(١) بمكتسب: أي لا ينال بعمل من الإنسان، بمتهم: يظنون به الكذب.
(٢) أبرأت: شفيت، وصبا: مريضا، أربا: المحتاج أو الكلف بالمعاصي، ريقه: القيد، اللمم: الخطايا، وقيل أن اللمم هو الجنون.
(٣) السنة الشهباء: المجدبة، غرة: بياضا، الدهم: جمع أدهم وهو الأسود.
(٤) بعارض: بسحاب ممطر، أو خلت: أي إلى أن خلت، البطاح: الأرض المنبسطة وقيل البطاح جمع أبطح وهو ميل الماء والمقصود من أو خلت: إلى أن توهمت. السيب: الجرى، اليم: البحر، العرم: الوادي وقيل أن سيل المطر الشديد فإذا أضيفت للعرم كان معنى سيل العرم.

<<  <   >  >>