للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول البوصيري:

كيما تفوز بوصل أي مستتر ... عن العيون وسر أي مكتتم «١»

فحزت كل فخار غير مشترك ... وحزت كل مقام غير مزدحم «٢»

وجل مقدار ما وليت من رتب ... وعز إدراك ما أوليت من نعم «٣»

بشرى لنا معشر الإسلام أن لنا ... من العناية وكنا غير منهدم «٤»

لما دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم «٥»

ليؤكد أن ما حدث، حدث بأمر من الله كي يميز الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن كافة الأنبياء والرسل بميزة الصلة والقرب من الذات الالهية وبهذا فقد وصل النبي الكريم إلى أعلى مرتبة من مراتب الفخر، وتعدي كل مقام بلا مزاحمة من أحد فما أكثر ما أعطاك الله يا محمد من نعم تفوق الخيال والحصر، وكل ما سبق يؤكد لنا نحن المسلمين بأن الله قد أعطانا البشرى والخير والفرحة فكنا خير أمة أخرجت للناس، فنحن أكرم الأمم لأننا نتبع أكرم الرسل، إنه الرسول العظيم الكريم المكرم الذي حاز كل فضل وكل فخر، فطوبي لأمة الإسلام، وطوبي للتابعين، فإنا معشر المسلمين لنا من عناية الله حصانة وحجابة.

ثم يمضي الشاعر الإمام البوصيري فيصف جهاد النبي صلّى الله عليه وسلّم فيقول:

راعت قلوب العدا أنباء بعثته ... كنبأة أجفلت غفلا من الغنم

مازال يلقاهم في كل معترك ... حتى حكوا بالقنا لحما على وضم

ودوا الفرار فكادوا يغتبطون به ... اشلاء شالت مع العقبان والرخم

تمضى الليالى ولا يدرون عدتها ... ما لم تكن من ليالى الأشهر الحرم


(١) غير مزدحم: لا يزاحمك فيه أحد.
(٢) أوليت: أعطيت ومنحت.
(٣) كنبأة: كصوت، أجفلت: شردت، غفلا: مهلة.
(٤) معترك: ميدان قتال، حكوا: اشبهوا، بالقنا: بالرماح أي بطعنها، الوضم: قطعة الخشب التي يقطع القصاب أي الجزار عليها اللحم.
(٥) يغطبون: يتمنون مثل حال غيرهم، اشلاء: جمع شلو وهو العضو من الجثة. شالت: ارتفعت، العقبان: جمع عقاب وهو طائر من الجوارح، الرخم: جمع رخمة وهي طائر أبقع يشبه النسر.

<<  <   >  >>