للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنبت الغصن من صمصامة ذكر؟ ... وأخرج الريم من ضرغامه قرم «١»

فنستدل من قول الشاعر على أنه اكتشف أن محبوبته الحسناء بنت لأحد العظماء، وبين حيرته تجاه هذا الرجل العظيم إذ كيف يستطيع أن يقابل (هذه المحبوبة في السر حيث الأغصان الملتفة والظلام هربا من بطش أبيها، أم أنه سيستطيع أن يلقاها في النور حيث البيوت والقصور، ويؤكد أن معرفته بمكانة أبيها قد وضحت وأن أمانيه في الحياة واستمرار حبه هذه الفتاة أصبح ذلك مقرونا بخوفه من الموت، فقد اجتمعت أمانيه ومنيتّه في مكان واحد وهو منزل أبيها، ويعود الشاعر ليضرب الأخماس في الأسداس متسائلا: كيف يخرج من ظهر هذا الفحل الضخم القاسي الشرس هذه النبتة الصغيرة الرقيقة وهذه الزهرة الناعمة العطرة؟! .. كيف يخرج من حيوان شرس مفترس هذا الغزال الرقيق الناعم الأبيض..؟!

ويقول:

بيني وبينك من سمر القنا حجب ... ومثلها عفة عذرية العصم «٢»

لم أغش مضناك إلا في غضون كرى ... مضناك أبعد للمشتاق من أرم «٣»

فيؤكد شوقي مرة أخرى فقده الأمل في الوصال بينه وبين.. المحبوبة وهناك عائقان:

الأول؛ والدها ذو الحسب والنسب والمكانة، والاخر عفتها وعذريتها اللتان تعصمانها من حبه ومن وصله، ويؤكد أنه لا يستطيع الوصول إليها ووصالها إلا في الأحلام، فوصال محبوبته حلم من الأحلام، وأسطورة من الأساطير بعيدة عن الواقع كما تبعد عنه مدينة ارم ذات العماد التي ورد ذكرها في القران الكريم.


(١) الصمصامة: السيف، والضرغامة: الأسد، والقرم: شديد الشهوة إلى اللحم.
(٢) العفة العذرية: نسبة لقبيلة بني عدرة اشتهر شبابها بالعشق والعفاف، والعصم: جمع عصمة وهي المنع والحفظ.
(٣) اغشى مضناك: المنزل الذي عنى به أهله، الكرى: النوم، ارم: هي ارم ذات العماد التي ورد ذكرها في القران الكريم.

<<  <   >  >>