للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - واستدلوا أيضًا بقوله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (١).

والقضاء هنا بمعنى الحكم، و (أمرًا) مصدر من غير لفظه أو حال أو تمييز ولا يصح أن يكون المراد بالقضاء ما هو المراد في قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} (٢). لأن عطف الرسول عليه يمنع ذلك، فتعين أن المراد الحكم، والمراد من الأمر القول لا الفعل.

٦ - واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٣).

والمراد منه الأمر حقيقة، وليس بمجاز عن سرعة الإيجاد كما قيل، وعلى هذا يكون الوجود مرادًا بهذا الأمر، أي أراد الله كلما وجد الأمر يوجد المأمور به، فكذا في كل أمر من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم.

٧ - واستدلوا أيضًا بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» (٤).

وكلمة لولا تفيد انتفاء الشئ لوجود غيره، فهنا تفيد انتفاء الأمر لوجود المشقة، فهذا يدل على أنه لم يوجد الأمر بالسواك عند كل صلاة، والإجماع قائم على أنه مندوب، فلو كان المندوب مأمورا به لكان الأمر قائما عند كل صلاة، فلما لم يوجد الأمر علمنا أن المندوب غير مأمور به.

٨ - واستدلوا أيضا بما وقع في قصة بريرة لما رغبها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجوع إلى زوجها فقالت: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «إِنَّمَا


(١) الأحزاب: ٣٦.
(٢) فصلت: ١١.
(٣) النحل: ٤٠.
(٤) أخرجه البخاري ومسلم ومالك في موطئه وأحمد في مسنده والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي عن زيد بن خالد الجهنى رضي الله عنه.

<<  <   >  >>