للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كيفية إعفاء اللحية وحف الشارب]

قال صلى الله عليه وسلم: «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى» (١)

قوله (أنهكوا) أي: بالغوا في القص، ومثله (جزوا) والمراد للمبالغة في قص ما طال على الشفة لا حلق الشارب كله، فإنه خلاف السنة العملية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ، قَالَ: وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ يَفْعَلُهُ " (٢).

قال القارئ معلقا: فالإقتداء بالحبيب بعد الخليل يورث الأجر الجميل والثواب الجزيل (٣) اهـ.

وقال الشيخ أحمد الدهلوي في مسائل اللحية: قال الشيخ ولي الدين العراقي في شرح أبي داود: الحكمة في قص الشارب أمر حنيفي -أي إبراهيمي- وهو تحسين الهيئة والتنظيف، وقد يرجع تحسين الهيئة إلى الدين، ولعل في قوله تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} إشارة إليها كأنه قال: فلا تغيروها بما يزيل حسنها ومنظرها، كما قال تعالى حكاية عن إبليس:

{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (٤) اهـ. ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله عمن يحفى شاربه؟


(١) رواه البخاري ومسلم وأبو عوانة وغيربم عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأنظر فتح الباري (١٠/ ٢٨٥ - ٢٨٦)
(٢) أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب، وأقره الحافظ على تحسينه في الفتح.
(٣) مرقاة المفاتيح (٢/ ٤٦٢).
(٤) مسائل اللحية ص ١١

<<  <   >  >>