للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: أن مشاركتهم في الهدى الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهديين المرضيين، وبين المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية، هذا إذا لم يكن ذلك الهدى الظاهر إلا مباحا محضا لو تجرد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم، فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له اهـ.

[تقسيم الدين إلى قشر ولب بدعة عصرية]

نبغ في هذا العصر أقوام تلقوا هدى الإسلام من واقع حياتهم أولا، ولم يحيوا في جو علمي يتأثرون به في حكمهم على الأمور، فراحوا يحتجون ببعض النصوص لإثبات عكس ما وضعت له، ويسمون الأشياء بغير اسمها.

ويتضح هذا جليا فيمن لا يهتمون ببعض الشرائع الظاهرة التي يسمونها شكليات, أو قشورا, ويدندنون فقط حول التمسك باللباب.

وتقسيم الدين إلى قشر ولب تقسيم غير مستساغ، بل هو محدث ودخيل على الفهم الصحيح للكتاب والسنة، ولم يعرفه سلفنا الصالح الذين كل الخير والنجاة في اتباعهم واقتفاء آثارهم {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} (١) وهذه القسمة إلى قشر ولب، وظاهر باطن يتبعها المناداة بإهمال الظاهر احتجاجا بصلاح الباطن تلقى رواجا عند المستهترين والمخدوعين. حينما يرون علمائهم يسمون المعاصي بغير اسمها فيقولون لهم -مثلا- إن إعفاء اللحية من سنن العادة، وقد عد بعضهم (عفا الله عنه) إعفاء اللحية وقص الشارب من الأمور العادية التي لا صلة لها بتبليغ الرسالة وبيان الشرع، وعد ذلك من قبيل المندوب بل في ثالث مراتبه بعد السنن المؤكدة وغير المؤكدة، بل قال: ومن أخذ به على أنه جزء من


(١) النجم: ٢٣.

<<  <   >  >>