المزيد من التمسك بالسنن والبراءة من البدع وليس مهادنة أهل البدع، وتثبيط الدعاة إلى السنن.
قياس فاسد
ومن أقيستهم العقلية الفاسدة التي يلبسون بها على العوام قولهم: إنما مثل من يتكلم في هذه الفرعيات والأعداء محدقون بنا كمثل رجل قائم على الشاطىء، وشخص يعالج الأمواج يوشك أن يغرق وقد بدا شيء من عورته، فيهتف الأول بالثاني منكرا عليه ما ظهر من عورته غير مبال بالخطر المحدق به والذي يودي بحياته.
وجواب هذا أن يقال:
أنتم تقيسون فرعا على أصل ليس بينهما أي تماثل والأصل المقيس عليه حالة ضرورة فلا شك يقدم دفع الضرر الأكبر الذي هو تلف النفس على المنكر الأصغر الذي هو بدو شيء من العورة، فكذا إذا دهمنا الأعداء ننفر جميعا لمواجهتهم دون التفات إلى خلافات فرعية إنشغالا بالمنكر الأكبر.
أما الفرع المقيس وهو وضع مجتمعاتنا في هذا الزمان فلا شك أنه في بلادنا -على الأقل- دون حالة الضرورة التي فيها تتلف الأنفس والأديان ويهلك الحرث والنسل وينفر المسلمون نفيرا عاما بما فيهم الشيوخ والنساء ... وقد يستنكر هذا الكلام لأول وهلة، أو يساء الظن بقائله، ولكني آتي بالدليل عليه من واقع حياة المعترضين أنفسهم فأقول: هل واقع حياتكم مثل واقع رجل يلقى بنفسه في المخاضة ولا يلوي على شيء لينقذ غريقا يصارع الأمواج ويوشك على الغرق؟ وهل هو واقع قوم أتاهم النذير ونودي فيهم بالنفير العام؟
لماذا إذن تحيون حياة رتيبة هنيئة تتمتعون فيها بالحاجيات بل الكماليات والتحسينات تطعمون الفواكه، وتتنعمون في الفرش، وتتنزهون في المتنزهات، وكل هذا لا ينكر عليكم ولا تستنكرونه من غيركم.