للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شبهة:

قال بعضهم: الأمر الوارد في اللحية أمر بإعفائها مخالفة للمجوس، والمخالفة علة معقولة المعنى، ومن الممكن أن تزول العلة فيزول المعلول، وبعبارة أخرى يقولون: إن كثيرا من المشركين اليوم يعفون لحاهم فينبغي لكي نخالفهم ما دام المطلوب هو المخالفة.

والجواب من وجوه:

الأول: ورد الأمر بإعفاء اللحية في بعض الأحاديث غير معلل بعلة المخالفة، ففي صحيح مسلم: (أمر بإعفاء الشوارب وإعفاء اللحى) ولم يذكر له علة.

الثاني: لا نسلم أن العلة الوحيدة في الأمر بإعفاء اللحى هي مخالفة المجوس بل ذلك بعض العلة، ومن العلل أيضا أن حلقها تغيير لخلق الله كما ذهب إليه بعض العلماء، وتشبه بالنساء وكلاهما منهي عنه متوعد فاعله باللعن.

الثالث: أن إعفاء اللحية من خصال الفطرة كما نص عليه الحديث، وهي

طريقة الأنبياء وسننهم، وهذه الفطرة لا تتبدل بتبدل الأزمان وانحراف

البعض عنها.

قال السيوطي رحمه الله (١): (وأحسن ما قيل في الفطرة أنها السنة القديمة التي اختارها الأنبياء وانفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليها) اهـ.

فإن أعفى المشركون لحاهم فقد سلمت فطرتهم في هذه الجزئية من سنن الفطرة ووافقوا فيها شرائع الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام وحينئذ تأتي المخالفة في وصف الفعل لا في أصله كما يأتي إن شاء الله وعلى أي حال فإنه لا يسوغ لنا رفض ما شرعه الله لنا وفطرنا عليه لمجرد أن يتلبس به بعض المخالفين لنا في الدين.

الرابع: إن حلق المشركين لحاهم مع إطالتهم شواربهم، أو توفيرهما


(١) تنوير الحوالك شرح موطأ الإمام مالك (٢/ ٢١٩).

<<  <   >  >>