للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أحمد بن يحيى حدثني عبيد بن ميمون، قال حدثني عبد الله بن الجعفري، قال: كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة، (قال): فتذاكروا يوماً السنن، فقال رجل كان في المجلس: "ليس العمل على هذا"، فقال عبد الله: "أرأيت ان كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام فهم الحجة على السنة"؟!

فقال ربيعة: "أشهد أن هذا لكلام أبناء الأنبياء".

(وبعد).

فهذا بحث جامع في "مسائل اللحية" أقدمه ممتثلا قول رب العالمين {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، بعد أن مست الحاجة اليه، وقد كادت السنن تطفىء نورها المحدثات والبدع، وتكاثرت المخالفات الشرعية وعم ضررها واستطار شررها ودام الانكباب على العمل بها مع السكوت على الإنكار لها حتى صارت كأنها سنن مقررات، وشرائع من صاحب الشرع محررات، يفنى عليها الكبير، ويكبر عليها الصغير.

والسعيد الموفق من أحيا السنة، ودعا إلى الله عز وجل واستوى عنده مادحه في الحق وذامه، وخالف ما اعتاد الناس وإن أدعوا أنهم على الجادة، غير مبال بما يرمونه به من التنطع في العمل والتشدد في الدين، فذلك قليل من كثير كان يقاسيه الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، المتمسكون بدين الله من التشنيع والتقبيح وضروب الأذى والتعنيف.

وقد روى عن خير التابعين أويس القرني رحمه الله أنه قال: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين، حتى- والله- لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا أع أن أقوم فيهم بحقه".

واليوم ونحن نقدم هذه الرسالة نصيحة للمسلمين، نؤكد أن قضية اللحية حكم فرعي، لكنه يندرج تحت أصل كلي غفل عنه الكثيرون، ألا وهو طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة مطلقة بامتثال كل ما به أمر، والانتهاء عن كل ما عنه زجر.

<<  <   >  >>