وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المرأة مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلدة قوسا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لعن الله المتشبهات بالرجال) ومشابهة حالق اللحية للمرأة أوضح من مشابهة من تقلدت القوس بالرجال.
الثاني: التخصيص عند الأصوليين من الضرورات التي لا يصار إليها إلا عند الاضطرار وتعذر العمل بالنصين اللذين يخص أحدهما الأخر، أما إذا كان العمل بالنصين معا ممكنا فلا يجوز تخصيص أحدهما بالآخر لأن التخصيص نوع من النسخ، وابطال لبعض ما يدل عليه النص من المعنى، وعليه فتخصيص التشبه بأنه في اللباس فقط تحكم وإبطال لبعض مدلول النص، ولا يصح لكل من ضاق ذرعا بنص أن يدعى تخصيصه بغير ضابط.
قال المخالف:
(د) الأعمال بالنيات، ومن يحلق لحيته لا يقصد التشبه بالنساء، فكيف يستوي بمن يقصده؟
وجوابه: أن هذا مما لا يقوله عالم بل هو من التأويل المغرض، إذ أن مدار التشبه على الصورة الظاهرة بغض النظر عن قصد صاحبها لأن التشبه من الأعمال التي لا يتوقف الاتصاف بها على القصد والنية كالإتلاف والقتل والضرب، فمن فعل ذلك اتصف به وإن لم يقصده، وكذلك من صبغ يده بالحناء فهو متشبه بالنساء وإن لم يقصده، لكن الشرع رفع الإثم عن المتلف والقاتل والضارب الذين لم يتعمدوا لعدم قصدهم، وألزمهم الغرامة لأجل فعلهم، وأما المتشبه فلم يرفع عنه الإثم لعدم قصده، لأن المفسدة التي يقصد الشارع درءها بالنهى موجودة في فعله وإن لم يكن لة قصد فيها، ولذا نهي عن الأعمال التي لم يقصد عاملها التشبه ولا خطر على باله، وروى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا، فلما سلم قال: إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا