للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب، وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية: وهي هذه الخصال، فالأولى تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية: تطهر البدن، وكل منهما تمد الأخرى وتقويها، وكان رأس فطرة البدن: الختان اهـ (١).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويتعلق بهذه الخصال أي خصال الفطرة مصالح دينية ودنيوية تدرك بالتتبع، منها: تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملة وتفصيلا، والاحتياط للطهارتين والإحسان إلى المخالط والمقارن. بكف ما بتأذى به من رائحة كريهة، ومخالفة شعار الكفار من المجوس واليهود والنصارى وعباد الأوثان، وامتثال أمر الشارع، والمحافظة على ما أشار إليه قوله تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} لما في المحافظة على هذه الخصال من مناسبة ذلك، وكأنه قيل قد حسنت صوركم فلا تشوهوها بما يقبحها، أو حافظوا على ما يستمر به حسنها، وفي المحافظة عليها محافظة على المروءة وعلى التآليف المطلوب، لأن الإنسان إذا بدا في الهيئة الجميلة كان أدعى لانبساط النفس اليه، فيقبل قوله، ويحمد رأيه، والعكس بالعكس اهـ (٢).

شبهة:

كون إعفاء اللحية من خصال الفطرة يدل على عدم وجوبها بدلالة اقترانه بما هو مستحب.

الجواب:

الصحيح أن يقال: إن كون إعفاء اللحية أحد خصال الفطرة لا يدل بذاته على الوجوب، وإنما يستفاد الوجوب من أدلة أخرى ودلالة الاقتران هنا لا تقوى على معارضة أدلة الوجوب، أما الاستدلال باقتران الإعفاء بغيره من خصال الفطرة الغير الواجبة فمردود بأنه لا يمتنع قرن الواجب بغيره. قال الإمام النووي رحمه الله: قد يقرن المختلفان كقول الله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٣).


(١) تحفة المودود بأحكام المولود ص١٦١.
(٢) فتح الباري (١٠/ ٣٣٩).
(٣) الأنعام: ١٤١

<<  <   >  >>