للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلام الشيخ عبد الفتاح واستدلاله هذا فيه نظر لما يلي:

١- النص الذي استشهد به الشيخ عبد الفتاح على أنه دليل على تحديد تاريخ فراغ مسلم من تأليف صحيحه قول أحمد بن سلمة: (كنت مع مسلم بن الحجاج في تأليف هذا الكتاب سنة خمسين ومائتين) . ولا أدري من أين استنبط الشيخ عبد الفتاح أن في هذا تحديدًا لتاريخ انتهاء مسلم من تأليف صحيحه، فالنص لا يسعف على ذلك وإنما يدل على أن أحمد بن سلمة كان مع مسلم سنة خمسين ومائتين أثناء تأليف الإمام مسلم لصحيحه وفي هذا تحديد لسنة من السنوات الخمس عشرة التي قضاها مسلم في تأليف صحيحه، وليس في هذا النص ما يدل على أن مسلمًا فرغ من صحيحه سنة خمسين ومائتين، وإن كان من المؤكد أنه فرغ منه قبل سنة سبع وخمسين ومائتين لما نقله ابن الصلاح: (قال إبراهيم بن سفيان النيسابوري - وكان فقيهًا زاهدًا، من الملازمين لمسلم بن الحجاج -: فرغ لنا مسلم من قراءة الكتاب في شهر رمضان سنة سبع وخمسين ومائتين) (١) .

فالذي نستطيع تحديده من تاريخ فراغ مسلم من تأليف صحيحه أنه فرغ منه بعد سنة خمسين ومائتين، وقبل سنة سبع وخمسين ومائتين. لذا من المحتمل أن يكون فرغ منه بعد سنة خمس وخمسين أي بعد لقائه وملازمته للبخاري، ويحتمل غير ذلك أيضًا، ولكن الجزم بشيء من ذلك لا يوجد ما يثبته.

٢- ذكر الشيخ عبد الفتاح أن مسلمًا ألف مقدمة "صحيحه" قبل الشروع في تأليفه، ولكن ليس في هذا دليل على أن ما ذكره مسلم من مناقشة لمسألة السند المعنعن والاحتجاج به كانت من ضمن المقدمة أثناء تأليفها أول مرة، ولا يوجد ما يمنع أن يكون الإمام مسلم زادها فيما بعد ضمن المقدمة، وتنقيح المؤلف لكتابه بإضافة أو حذف وارد جدًا. فالجزم بأن مناقشة مسلم لخصمه كانت ضمن المقدمة حين شرع مسلم في تأليف صحيحه أول مرة محل نظر لقوة احتمال الزيادة والإضافة من المؤلف فيما كتبه سابقًا.

٣- ابن المديني شيخ للإمام مسلم (٢) ، ومكانة علي بن المديني عند


(١) صيانة صحيح مسلم (ص١٠٤) .
(٢) انظر سير أعلام النبلاء (١٢/٥٦١) ، وأيضًا الميزان (٣/١٣٨) وذكر فيه أن مسلمًا لم يخرج عن علي في "صحيحه" بسبب موقف علي من مسألة خلق القرآن.

<<  <   >  >>