للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدثين لا تخفى على مشتغل بهذا الفن فهو أحد كبار الأئمة في عصره، وأعلم أهل زمانه بعلل الحديث (١) ، فقول الشيخ عبد الفتاح أنه لا يعقل أن يصف مسلم البخاري بتلك الصفات النابزة، والأقوال القاسية، والكلمات الجارحة.

يرد عليه أيضًا لا يعقل أن يقول مسلم ذلك في حق شيخه وإمام أهل الحديث في علم العلل علي بن المديني!!

وبهذا يتضح أن ترجيح الشيخ عبد الفتاح أبوغدة بأن علي بن المديني هو المعني في كلام مسلم غير قائم على أدلة سليمة صحيحة فيبقى الأمر على الاحتمال ومجرد الظن أن يكون علي بن المديني هو المعني في كلام مسلم.

ثالثًا: قول من قال أن المعني في كلام مسلم ربما يكون شخصًا آخر غير ابن المديني والبخاري.

وهذا القول هو رأي ابن رشيد فقد قال: (ولعله - أي مسلم - لم يعلم أنه قول ابن المديني، والبخاري. وكأنه إنما تكلم مع بعض أقرانه أو من دونه ممن قال بذلك المذهب والله أعلم.

فإنه لو علمه لكف من غربه، وخفض لهما الجناح، ولم يسمهما الكفاح) (٢) .

وحتى هذا الاحتمال لا دليل عليه إلا استبعاد أن يتلفظ الإمام مسلم بما قاله في حق ابن المديني أو في حق البخاري، وهما من كبار الأئمة الأعلام.

في الحقيقة يصعب الترجيح، ويشق تعيين الشخص الذي عناه مسلم بالرد، وذلك يرجع إلى أن مسلمًا أبهم اسمه، ولم أجد - حتى الآن - أحدًا معاصرًا، أو قريب العهد من عصر الإمام مسلم سمى ذلك الرجل. ثم إن ما قيل في تسميته كله مبني على الظن والاحتمال. قال الشيخ عبد الفتاح أبوغدة: (والعجيب الغريب جدًا أن "صحيح مسلم" قريء على مؤلفه وتلامذته وتلامذهم ... مئات المرات،


(١) انظر ثناء العلماء عليه في سير أعلام النبلاء (١١/٤١- ٦٠) ، والميزان (٣/١٣٨-١٤١) وغيرهما.
(٢) السنن الأبين (ص١٣٣) .

<<  <   >  >>