للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى حديث الليث.

فالذي يغلب على الظن أن صفية قد روت حديث: "من أتى عرافًا ... " عن حفصة أو عن عائشة لاسيما وأن راوي هذا الحديث عن نافع هو عبيد الله العمري، وهو أيضًا الذي روى حديث: "النهي عن الإحداد فوق ثلاثة أيام إلا على الزوج" عن نافع وقال فيه عن بعض أزواج النبي ولم يصرح بالاسم، ولكن الليث بن سعد، وعبد الله بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري صرحوا باسم زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها حفصة أو عائشة.

وعلى كل الأحوال فإن صفية بنت أبي عبيد معاصرتها ثابتة لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك لأن عبد الله بن عمر قد تزوجها في عهد أبيه (١) ، وذكر ابن مندة أن صفية: (أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروت عن عائشة وحفصة، ولا يصح لها سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -) (٢) ، ونفى الدارقطني أن تكون أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر أنها تزوجت ابن عمر في عهد أبيه قال: (فيحمل قول من نفى الإدراك على السماع فكأنها لم تميز إلا بعد الوفاة النبوية) (٣) ، وصحح ابن حجر سماعها من عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فعلى ما ذكره ابن مندة ورجحه ابن حجر تكون صفية قد ثبتت معاصرتها لكل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين مات وهن في عصمته، وأغلب ظني أن مسلمًا احتج بالحديث لترجيحه أن المقصود ببعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إما حفصة وإما عائشة ويفسر ذلك ما وقع في حديث "الإحداد".

وبهذا نستطيع القول أن اشتراط العلم بالمعاصرة مطلوب حتى في رواية التابعي عن صحابي مبهم، ولا يكفي احتمال المعاصرة، فإن لم يعرف هل عاصر أم لا؟ فلابد من التصريح أو السماع من التابعي عن ذلك الصحابي المبهم الاسم.

قال الحافظ زين الدين العراقي مبينًا ذلك: (فرق أبوبكر الصيرفي من الشافعية في كتاب "الدلائل" بين أن يرويه التابعي عن الصحابي معنعنًا أو مع


(١) انظر طبقات ابن سعد (٨/٤٧٢) .
(٢) الإصابة في تمييز الصحابة (٤/٣٥١) .
(٣) الإصابة (٤/٣٥٢) .

<<  <   >  >>