كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

الفصل الثاني ضوابط الاكتفاء بالمعاصرة عند الإمام مسلم - المبحث الثاني العلم والمعاصرة - ص: 328

رواية شعبة عنه ليبين أن هذا الحديث الذي رواه مالك بن مغول من صحيح حديث سماك.

وقد ثبت من حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة" (١) ، فزيادة سماك عن الرجل عن رسول الله محفوظة ولاشك سواء كان الرجل الذي روى عنه سماك صحابيًا أو لم يكن.

٥- أخرج مسلم في "صحيحه" في الأصول حديثًا واحدًا فقط من رواية تابعي عن صحابي مبهم بالعنعنة، وهذا الحديث هو حديث صفية بنت أبي عبيد الثقفية عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" (٢) . وقد رواه من طريق عبيد الله العمري عن نافع مولى ابن عمر عن صفية به.

وقد ذكر أبومسعود الدمشقي هذا الحديث في مسند حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها (٣) ، ويظهر لي أن مسلمًا ترجح عنده أن المقصود ببعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة أو عائشة رضي الله عنهما وذلك لأن مسلمًا أخرج في صحيحه من طريق الليث بن سعد عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد حدثته عن حفصة أو عن عائشة أو عن كلتيهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها" (٤) .

وأخرج أيضًا من طريق عبد الله بن دينار عن نافع مثل رواية الليث، وأخرج من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري يقول سمعت نافعًا يحدث عن صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت حفصة بنت عمر (٥) ، وأخرج من طريق عبيد الله بن عمر العمري، وأيوب السختياني كلاهما عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض

---

(١) أخرجه أحمد في المسند (٣/١٤٦) ، وابن حبان في صحيحه (٩/١٤٤) ، والطبراني في المعجم الكبير (٢٢/٣٠٠) ، والحاكم في المستدرك (٢/٢٠) .
(٢) صحيح مسلم (٤/١٧٥١) .
(٣) انظر تحفة الأشراف (١٣/١٢٤) .
(٤) صحيح مسلم (٢/١١٢٦) .
(٥) صحيح مسلم (٢/١١٢٧) .