للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها، ولا أنهم لقوهم في نفس خبر بعينه.

وهي أسانيد عند ذوي المعرفة بالأخبار والروايات من صحاح الأسانيد لا نعلمهم وهنوا منها شيئًا قط، ولا التمسوا فيها سماع بعضهم من بعض إذ السماع لكل واحد منهم ممكن من صاحبه غير مستنكر لكونهم جميعًا كانوا في العصر الذي اتفقوا فيه) (١) .

القسم الثاني: الأدلة التي ذكرها بعض المؤيدين لمسلم:

ذكر الشيخ المحقق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي - رحمه الله -، والأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبوغدة بعض الأدلة في تأييد الاكتفاء بالمعاصرة لم يذكرها الإمام مسلم - رحمه الله - فسأذكرها هنا في الدليل الرابع، والخامس، والسادس، لأنها مكملة لما ذكره مسلم.

الدليل الرابع: أن الأصل في الرواية أن تكون عما شاهده الراوي. قال الشيخ المعلمي مبينًا ذلك:

(الأصل في الرواية أن تكون عما شاهده الراوي أو أدركه، فتأمل هذا وافرض أمثلة بريئة عن القرائن من الطرفين.

كأن تكون ببلدة فتسمع برجل غريب جاءها، وبعد أيام تلقاه فيخبرك عن أناس عن أهل تلك البلدة أن فلانًا قال كذا، وفلانًا قال كذا من دون أن يصرح بسماع، ولا علمت لقاءه لهم، ولكنك تعتقد أنه لا مانع له من لقائهم.

ثم توسع في الأمثلة ولاحظ أنها واقعة في عصر التابعين حين لا برق ولا بريد ولا صحافة ولا تأليف، وإنما كان يتلقى من الأفواه، والناس مشمرون لطلب العلم، ولاسيما للقاء أصحاب نبيهم - صلى الله عليه وسلم -.

ثم لاحظ أنه لم يكن يوجد منهم إلا نادرًا من لم يزر الحرمين، وفيهما يمكن اجتماع الراوي بالمروي عنه إذا كانا متعاصرين، وبهذا يندفع ما يوهمه تباعد البلدين مع عدم اللقاء. فإذا كان الحال ما ذكر وثبت أن أحد المتعاصرين روى عن الآخر بلا تصريح بسماع ولا عدمه كان المتبادر السماع.


(١) مقدمة صحيح مسلم (١/٣٣-٣٥) .

<<  <   >  >>