للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(كان بالمدينة أيام كان ابن عباس على البصرة) (١) ، فلم يجتمعا رغم زياراتهما المتعددة للحرمين.

٧- تعميم الحكم بأن جميع رواة الحديث من السلف كانوا أهل تثبت واحتياط محل نظر، لاسيما وأن قوانين الرواية الدقيقة، وضوابط النقد، وتحديد المقصود من كل صيغة من صيغ الأداء كل ذلك لم يشتهر وينتشر ويصبح عرفًا عامًا لأهل الحديث إلا في زمن متأخر نسبيًا عن زمن التابعين، وذلك عقب انتشار النقد والتفتيش عن سماع الرواة على يدي شعبة بن الحجاج الذي اعتنى بهذا الأمر وشدد فيه أكثر من غيره.

٨- تقييد المعلمي في كلامه للإرسال بأنه الخفي لترجيح مذهب مسلم على مذهب البخاري تقييد لم يرده البخاري أو من يؤيده فليس محل البحث هو الإرسال الخفي، وإنما مطلق الإرسال الذي يعني عدم الاتصال أو رواية المحدث عمن لم يلقه، ولاشك أن هذا كثير الوجود بين رواة الحديث.

قال ابن عبد البر في رواية الرجل عمن لم يلقه: (فإن كان هذا تدليسًا، فما أعلم أحدًا من العلماء سلم منه في قديم الدهر ولا في حديثه اللهم إلا شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان) (٢) .

وقال العلائي: (إرسال الراوي عمن لم يلقه كثير جدًا بلفظ "عن") (٣) .

ومما يدعم كلام ابن عبد البر والعلائي أن شعبة بن الحجاج قال: (لو أتيت محدثًا عنده خمسة أحاديث أصبت ثلاثة لم يسمعها) (٤) .

والمشترطون للعلم باللقاء في السند المعنعن حجتهم أن الإرسال كان شائعًا بين رواة الحديث ويعنون بالإرسال هنا مطلق الإرسال الذي هو تحديث الراوي عمن لم يلقه، أو بمعنى آخر عدم الاتصال، واستخدام الإرسال بهذا المفهوم شائع بين متقدمي النقاد ويدل على ذلك كتاب "المراسيل" لابن أبي حاتم فإن المرسل


(١) العلل لابن المديني (ص٥١) .
(٢) التمهيد (١/١٥) .
(٣) جامع التحصيل (ص١١٩) .
(٤) الكامل لابن عدي (١/٩١) .

<<  <   >  >>