للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنده ضد المتصل فكل ما ليس بمتصل يدخل في مسمى المرسل، وقد قال في مقدمة كتابه:

(سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحيحة المتصلة) (١) .

فتقييد الشيخ المعلمي للإرسال بالخفي في بحث هذه المسألة تقييد لا يرتضيه المخالف لأنه تصرف في توضيح قوله. يؤكد هذا أن البخاري انتقد سماع كثير من الرواة ولا يعرف هل عاصروا من رووا عنه أم لا؟ فدل هذا على أنه يبحث عن اشتراط اللقاء مطلقًا ثبتت المعاصرة أو لم تثبت ولم يحدد نقده في الإرسال الخفي الذي هو رواية المحدث عمن عاصره ولم يلقه على قول الحافظ ابن حجر.

والمعلمي - رحمه الله - فيه الإرسال بالخفي ليؤكد أنه قليل بل وأقل من التدليس، وهذا الحكم مبني على خطأ وهو جعل حجة المخالف هي كثرة الإرسال الخفي وقد بينت قبل قليل أن المخالف يحتج بأن الإرسال بدون تقييده بالخفي كان منتشرًا وكثير الوجود في الروايات، ورغم ذلك فإن حكم الشيخ المعلمي على أن الإرسال الخفي أقل من التدليس لم يبرهن عليه إلا بقوله إنه استقراء، وهذا نص عبارته:

(فإن قيل: فإن ذهاب ابن المديني والبخاري - رحمهما الله تعالى - إلى اشتراط اللقاء يدل على شيوع الإرسال الخفي في السلف. قلت: الاستقراء أقوى من هذا الاستدلال) (٢) .

الاستقراء يحتاج لإثبات فأين إثباته؟! لاسيما وأن هذا الاستقراء قد لا يكون تامًا، وهو أيضًا معارض لإمامين من أجل أئمة الحديث، ثم هذا الاستقراء - إن ثبت وكان مستوفيًا لشروط الاستقراء الصحيح - يبقى عليه أنه من عالم متأخر جدًا من حيث الزمن وسعة العلم وقرب الإسناد عن ابن المديني والبخاري فكيف يسلم به؟!

٩- قول المعلمي: (فلا يخدش خلافهما - يعني ابن المديني والبخاري -،


(١) المراسيل لابن أبي حاتم (ص١٥) .
(٢) عمارة القبور (ل٨٣) .

<<  <   >  >>