للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض أحاديثهم، وهي قليلة جدًا، وسأذكرها مع المناقشة في الفصل الخامس - إن شاء الله -.

٣- لم يصب الشيخ عبد الفتاح في قوله: (وهذا غير مقبول لأنه يناقض كل المناقضة ما قرره العلماء على مر الزمن من أن كتاب مسلم "صحيح" مع معرفته بشرطه في العنعنة) (١) .

وذلك لأن مسلمًا سمى كتابه "الصحيح" فتقرير العلماء على مر الزمن من أن كتاب مسلم "صحيح" راجع لأن مؤلفه سماه "الصحيح"، ولأن الغالبية العظمى من أحاديث الكتاب صحيحة بلاشك فالتسمية بالنظر للغالب، بدليل أن الدارقطني وأبا مسعود الدمشقي وغيرهما ممن ذكر انتقادات عديدة على صحح مسلم لم يمنعهم ذلك من تسميته بـ "الصحيح" لأن موضوع الكتاب هو الأحاديث الصحيحة وإن نوزع مسلم في تصحيح بعض من أحاديث كتابه.

ومن الممكن أن يقال إن تقرير العلماء بأن كتاب مسلم "صحيح" مع معرفتهم بشرطه في العنعنة دال على أن الأحاديث التي هي معنعنة على شرطه قليلة ولها ما يشهد لها ويقويها من طرق أخرى، فتسقط المناقضة المزعومة وقد أكد ذلك ابن الصلاح في قوله: (وإن لم يلزم عمله به فيما أودعه في صحيحه هذا، وفيما يورده فيه من الطرق المتعددة للحديث الواحد ما يؤمن من وهن ذلك) (٢) .

وكيف لا يسمى كتاب مسلم "صحيحاً"، وأكثر أحاديثه قد اتفق هو مع البخاري في إخراجها، بل وكثير من الأحاديث التي انفرد بإخراجها السماع فيها ثابت وإن رويت في "الصحيح" بالعنعنة مثل أحاديث حماد بن سلمة عن ثابت البناني، وأحاديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وأحاديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، وأحاديث أبي الزبير عن جابر، وغير ذلك كثيرًا جدًا، فليس من الإنصاف في شيء أن يسلب أحد وصف الصحة من كتاب مسلم لوجود عدد قليل من الأحاديث المعنعنة على شرطه، ناهيك أن


(١) التتمة الثالثة الملحقة بكتاب "الموقظة" (ص١٣٧) .
(٢) صيانة صحيح مسلم (ص٧٠) .

<<  <   >  >>