للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلم على كلامه السابق مما يجعل هذا الإلزام ضعيفًا لتطرقه لعدة احتمالات منها: أن تكون تلك الأحاديث قليلة، وأن يكون لها متابعات قوية أو شواهد صحيحة وحينئذ فيحتج بها على رأي من يشترط اللقاء، ويحتمل أن يكون مسلم أخرج معظم تلك الأحاديث القليلة في المتابعات لا في الأصول، ويحتمل أن يكون مسلم أخرج معظم تلك الأحاديث القليلة في فضائل الأعمال وما يجري مجراها، وكلها احتمالات قائمة وقوية ويشهد لقوتها أننا وجدنا الأسانيد التي استشهد بها مسلم على المخالف له وذكر أنه لا يعلم فيها لقاء ولا سماع من التابعي عن الصحابي وجدنا خمسة منها السماع فيها ثابت، وخمسة منها قد توبع التابعي راوي الحديث متابعة تامة من ثقة قد صح سماعه عن نفس الصحابي، ووجدنا خمسة منها لها شواهد قوية، ووجدنا حديثًا واحدًا فقط اختلف في وصله وإرساله، وقد أخرج مسلم أكثر تلك الأحاديث في صحيحه فهي على شرطه في العنعنة، وهي مذهب من يشترط اللقاء أحاديث يحتج بها لثبوت السماع في بعضها، أو لأن تلك الأحاديث ثبتت من طرق أخرى.

وما دام هذا الإلزام لم يحدد عدد الأحاديث الموجودة في صحيح مسلم بتلك الصفة، ولم يحدد هل هي في الأصول أم في المتابعات؟، ولم يذكر هل بحث عن السماع فيها أم لا؟، ولم يذكر هل لتلك الأحاديث متابعات وشواهد أم لا؟، ولم يوضح هل هي في أحاديث الأحكام أم في أحاديث الفضائل ونحوها؟ والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

٢- لا يوافق الشيخ عبد الفتاح على قوله أنه يلزم أن تكون الأحاديث التي هي في صحيح مسلم بالعنعنة على شرطه في حكم البخاري ضعيفة. وذلك لأن البخاري بالاتفاق أسبق من مسلم في تأليف الصحيح وأعلم منه في علل الحديث فلا يصح توجيه الإلزام إليه، وإنما يصح هذا الإلزام - لو كان مستوفيًا للشروط - أن يوجه للمتأخرين فقط.

ثم إنه لا يحتاج لإلزام البخاري كما فعل الشيخ عبد الفتاح، فإنه - رحمه الله - قد تكلم في سماع بعض الرواة، الذين أخرج مسلم في "صحيحه"

<<  <   >  >>