للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن أدلس، وذلك محمول منه على المبالغة في ذمه والتفنير عنه، وقال أيضًا: التدليس أخو الكذب، وقال حماد بن زيد: التدليس كذب، ثم ذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" وقال حماد: فلا أعلم المدلس إلا متشبعًا بما لم يعط ... ) (١) .

ومما يؤكد بقوة أن الإرسال الخفي ليس هو كالتدليس فضلاً أن يكون أقبح منه ما قاله ابن أبي حاتم: (قلت أبو وائل سمع من أبي الدرداء؟ قال: أدركه، ولا يمكن سماع شيء. أبو الدرداء بالشام، وأبو وائل كان بالكوفة. قلت: كان يدلس؟ قال: لا، هو كما يقول أحمد بن حنبل) (٢) علق العلائي بقوله: (يعني كان يرسل) .

وهذا نص صريح في أن المرسل الخفي ليس كالتدليس لن التدليس مذموم ومكروه، وفي نص آخر لأبي حاتم مؤيد لما تقدم عنه أنه قال في أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي: (لا يعرف له تدليس) (٣) ، وأبو قلابة ممن عرف بالإرسال، وقد قال أبو حاتم فيه: (قد أدرك أبو قلابة النعمان بن بشير، لا أعلمه سمع منه) (٤) ، فنفى عنه التدليس مع أنه وجد الإرسال الخفي في مروياته. وبهذا يعلم أن ما قاله المعلمي ليس بالصواب والله أعلم.

الدليل السادس: ملخص كلام الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في هذا الدليل أنه يلزم من قول البخاري في اشتراط اللقاء، ومن مشى على قوله من بعده أن تكون الأحاديث المعنعنة التي هي على شرط مسلم في العنعنة من قسم الحديث الضعيف، وهذا غير مقبول لأنه يناقض ما قرره العلماء من أن كتاب مسلم صحيح.

وفي هذا الإلزام نظر لما يلي:

١- هذا الكلام نظري فإن الشيخ عبد الفتاح لم يأت بأمثلة من صحيح


(١) جامع التحصيل (ص١٩٧) .
(٢) المراسيل لابن أبي حاتم (ص٧٧) .
(٣) الجرح والتعديل (٥/٥٨) .
(٤) المراسيل لابن أبي حاتم (ص٩٦) .

<<  <   >  >>