للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذه الضوابط التي راعاها الإمام البخاري في الأسانيد "المؤمننة" التي أخرجها في صحيحه ما يلي:

١ ـ أن يكون الراوي معروفاً بالرواية عمن ذكره (١) .

٢ ـ أن يترجح له بالقرائن أن الراوي أخذه عن الشيخ المذكور في السياق (٢) ومن هذه القرائن أن يكون الحديث موصولاً في الأصل من طريق ذلك الراوي عن شيخه. ففي الحديث الذي انتقده الدارقطني آنفاً، نصّ ابن حجر على أنه وجد الحديث موصولاً من طريق مصعب بن سعد عن أبيه أنه رأى فذكره (٣) .

ومن هذه القرائن أن يوجد في متن الحديث ما يدل على الاتصال، وأن الراوي يحكي الحديث عن شيخه (٤) فيُستدل بهذا على أن أصل الحديث مسموع للراوي من شيخه.

ولذا قال ابن حجر: (البخاري يعتمد على هذه الصيغة إذا حفت بها قرينة تقتضي الاتصال) (٥) .

وجماع القول في موقف البخاري من صيغة "أن" أنه يهتم بحال القرائن التي تحف كل سند ورد بهذه الصيغة، فإن كانت القرائن تُرجح الاتصال، فإن البخاري لا يتوانى في الاحتجاج به، وإن كان لا تتوفر له قرائن تُرجح اتصاله، فإن البخاري لا يحتج بمثله.

وموقف البخاري قريب من المذهب الثالث، ولكن ليس هو بحذافيره، ولم يطبقه بحرفية، وإنما جعل القرائن هي الحكم في القبول والرفض، والحق أن في هذا الموقف وسطية وإنصافاً جليين، لا سيما إذا استحضرنا ما ذُكر من أن


(١) هدي الساري (ص٣٨١) ، ورقم الحديث [٤٠] .
(٢) هدي الساري (ص٣٨٧) رقم الحديث [٦٢]
(٣) هدي الساري (ص٢٨١) ورقم الحديث [٤٠]
(٤) هدي الساري (٣٩٢) ورقم الحديث [٧٤]
(٥) هدي الساري (ص٣٩٨) ورقم الحديث [٩٥] .

<<  <   >  >>