للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتقدمين لا يُفرقون بين "عن" و"أن" في بعض الأحيان (١) .

وأما الإمام مسلم فلم تسعفنا المصادر بشيء عن موقفه حيال هذه الصيغة، ولكن الذي يغلب على الظن أن موقفه موافق لجمهور أهل الحديث الذي قالوا بالتفصيل بين حالتي ورود الصيغة "أن" وهو المذهب الثالث.

ولكن يتبقى سؤال هام جداً حول موقف الإمام مسلم من صيغة "أن" والسؤال هو إذا روى رجل حديثاً عن آخر فقال فيه: "أن فلاناً فعل كذا" هل يكتفي في هذه الحالة عند الإمام مسلم بمجرد إمكان اللقاء فقط؟ .

وقد أجاب الحافظ ابن رجب على هذا بقوله: (وهذا إنما يكون فيمن اشتهر بالرواية عن المحكي قصته، كعروة عن عائشة ـ أي التسوية بين "أن" و "عن" أما من لم يعرف له سماع منه فلا ينبغي أن يحمل على الاتصال ولا عند من يكتفي بإمكان اللقي) (٢) .

ومما يؤيد أن صيغة "أن" لا يكفي لاتصالها مجرد المعاصرة والسلامة من التدليس، ما قاله العلائي:

("عن" استقر شيوعها في الاتصال بالشروط المتقدمة، والاحتمال قائم في "أن".. والذي يقتضيه النظر أن "أن" تقتضي الاتصال بالشروط المتقدمة ـ في الحديث، لكنها أنزل درجة من "عن") (٣) .

ثانياً: صيغة الأداء "قال" ومثالها: "عن همام قال: قال قتادة: كذا " فهل هذه الصيغة تفيد الانقطاع؟ أم هي محتملة للاتصال والانقطاع؟

قال الخطيب البغدادي: (وأما قول المحدث قال فلان، فإن كان المعروف من حاله أنه لا يروي إلا ما سمعه جعل ذلك بمنزلة ما يقول فيه غيره: ثنا، وإن كان قد يروي سماعاً، وغير سماع، لم يحتج من رواياته إلا بما بين الخبر فيه) (٤) .


(١) انظر شرح علل الترمذي (١/٣٨١) .
(٢) شرح علل الترمذي (١/٣٨١) .
(٣) جامع التحصيل (ص١٢٢ ـ ١٢٣) .
(٤) الكفاية (ص٣٢٦) .

<<  <   >  >>