(يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فقال الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: لو قلتها لوجبت. ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا أن تعملوا بها، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع. رواه أحمد والنسائي بمعناه. ووجوبهما على الفور نص عليه أحمد، فيأثم إن أخرهما بلا عذر بناء على أن الأمر المطلق عند الأصوليين للفور، ويؤيد خبر ابن عباس مرفوعاً قال: (تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا دري ما يعرض له) . رواه أحمد. قال شيخ الإسلام: الحج واجب على الفور عند أكثر العلماء انتهى.
فإن قيل: لو كان واجباً على الفور لم يؤخره صلى الله عليه وسلم، قيل: أما تأخيره صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه الحج بناء على أن الحج فرض سنة تسع فيحتمل أنه كان في آخرها، أو لأنه أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أنه لا يموت حتى يحج فيكون على يقين من الإدراك.
قال أبو زيد الحنفي، أو لاحتمال عدم الاستطاعة، أو حاجة خوف في حقه منعه من الخروج ومنع أكثر أصحابه خوفاً عليه.
والصحيح أن الحج فرض سنة تسع كما تقدم وأن فرضه كان في آخرها، وأن آية فرضه هي قوله تعالى:(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) وهي نزلت عام الوفود آخر سنة تسع وأنه صلى الله عليه وسلم لم يؤخر الحج بعد فرضه عاماً واحداً، وهذا هو اللائق بهديه وحاله صلى الله عليه وسلم.
ويشترط للحج والعمرة خمسة شروط: أحدها الإسلام. الثاني العقل، وهما شرطان للوجوب والصحة، فلا يجب حج ولا عمرة على كافر ولو مرتداً لأنه ممنوع من دخول الحرم، وهو مناف له، ويعاقب الكافر على الحج والعمرة وعلى سائر فروع الإسلام كالصلاة والزكاة والصوم كالتوحيد إجماعاً، قال الشيخ عثمان بن قائد: أي لا يجب الحج والعمرة على الكافر وجوب أداء، وأما وجوب