أن يقال: من لا يجب عليه الحج عيناً بأن يكون أدى حجة الإسلام فالحج في حقه بعد ذلك فرض كفاية باعتبار اندراجه في عموم المخاطبين بفرض الكافية فيعزم كل عام على الحج مع القدرة لو لم يحج غيره، وهو نفل في حقه أيضاً باعتبار خصوصه فيسن له العزم على الحج كل عام مع القدرة، فزيد مثلاً إذا كان أدى حجة الإسلام ثم رأى الناس تهيئوا للخروج إلى الحج فعزم على الخروج معهم كان عزمه وأخذه في الأسباب على سبيل النفلية ظاهراً، ثم إذا حج الجميع فمن كان منهم حجته حجة الإسلام فثوابه ثواب فرض العين، وغيره إن كان ممن دخل في عموم المخاطبين بفرض الكفاية أثيب كل فرد منهم ثواب فرض الكفاية لاستوائهم في مطلق أداء فرض الكفاية.
وملخص هذا الحج في حق هذا القسم عند التوجه إليه فرض كفاية على العموم، نفل على الخصوص، وبعد فعل الحج يتبين أنهم قاموا بفرض الكفاية فيثابون على الخصوص ثواب فرض الكفاية، ومثل هذا يأتي في الصلاة على الميت ونحوها، فلا منافاة بين كلام الرعاية وغيرها لما علمت من ثبوت الاعتبارين المذكورين، وبهذا أيضاً يندفع ما أورده الشيخ خالد الأزهري في جمع الجوامع، والظاهر أيضاً سقوط فرض الكفاية بفرض العين لحصول المقصود مع كونه أعلى، هذا ما ظهر لي ولم أره مسطوراً انتهى. ولا يجب الحج والعمرة في العمر إلا مرة واحدة إلا لعارض نذر أو قضاء نسك، لما روى أبو هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجال: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم) . رواه أحمد ومسلم والنسائي. وعن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: