للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفهوم عبارة بعض الأصحاب بقولهم وعيتبر أن يكون له إذا رجع من حجه ما يقوم بكفايته، وكفاية عياله على الدوام كما سنبين ذلك قريباً إن شاء الله تعالى.

قالت الشافعية: يشترط في الزاد ما يكفيه لذهابه ورجوعه فاضلا عما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقتهم وكسوتهم مدة ذهابه ورجوعه وفاضلاً عن مسكن وخادم يحتاج إليهما وعن قضاء دين يكون عليه حالاً كان أو مؤجلاً انتهى.

قالت المالكية: الاستطاعة هي إمكان الوصول بلا مشقة عظمت ولو بلا زاد وراحلة لذي صنعة تقوم به ولو بالسؤال، إذا كان ذلك عيشه في بلاده وكانت العادة إعطاءه وقدر على المشي، وإن يكونا آمناً على نفسه وماله، ويعتبر ما يرجع به إلى محل يمكنه فيه التعيش إن خشي الضياع بالإقامة بمكة انتهى.

وقالت الحنفية: مقدار ما يتعلق به وجوب الحج ملك مال يبلغه إلى مكة ذاهباً وراجعاً راكباً في جميع السفر لا ماشياً بنفقة متوسطة فاضلاً عن مسكنه وخادمه وفرسه وسلاحه وآلات حرفة وثيابه وأثاثه ونفقة من عليه نفقته وكسوته وقضاء ديونه ولو مؤجلة إلى حين عوده، ولا يشترط نفقة لما بعد إيابه لا سنة ولا شهراً ولا يوماً انتهى.

فتحرر لنا من ذلك أن المقدم من الروايتين عند الحنابلة اعتبار أن يكون له من النفقة إذا رجع من حجة ما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام؛ وعلى الرواية الأخرى عندهم لا يعتبر ذلك وإنما يعتبر أن يكون عنده من النفقة ما يقوم بكفايته وكفاية عياله مدة ذهابه للحج ورجوعه فقط وفاقاً للحنفية والمالكية والشافعية، وهذه الرواية أقرب إلى الصواب إن شاء الله تعالى، لأن القول بأن الإنسان لا يكون مستطيعاً للحج إلا إذا كان عنده من النفقة بعد رجوعه من الحج ما يكفيه ويكفي عياله على الدوام، أي دوام حياته يقضي بأن لا يكون غالب الأغنياء مستطيعين للحج لأنه قل من يثق من الأغنياء أن عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>