صلى الله عليه وسلم في حجته ومعه الجمع العظيم وهو الوقوف إلى غروب الشمس وقال صلى الله عليه وسلم (خذوا عني
مناسككم) والله سبحانه وتعالى أعلم. وعند الإمام مالك إذا دفع من عرفة قبل غروب الشمس لا حج له ما لم يعد إلى عرفة نهاراً ويقف بها حتى تغرب الشمس.
ويكون حال دفعه من عرفة إلى مزدلفة مستغفراً، وسميت مزدلفة بذلك من الزلف: وهو التقرب، لأن الحجيج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها: أي تقربوا ومضوا إليها، وتسمى أيضاً جمعاً لاجتماع الناس بها، وتسمى أيضاً بالمشعر الحرام. قال في المغني: وللمزدلفة ثلاثة أسماء: مزدلفة، وجمع، والمشعر الحرام انتهى، ويدفع مع الإمام أو نائبه وهو أمير الحجيج على طريق المأزمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم سلكها وهما جبلان، قال شيخ الإسلام: فإذا أفاض من عرفات ذهب إلى المشعر الحرام على طريق المأزمين، وهو طريق الناس اليوم، وإنما قال الفقهاء على طريق المأزمين لأنه إلى عرفة طريق أخرى تسمى طريق ضب، ومنها دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات وخرج على طريق المأزمين، وكان في المناسك والأعياد يذهب من طريق ويرجع من أخرى فدخل مكة من الثنية العليا وخرج من الثنية السفلى، ودخل المسجد من باب بني شيبة وخرج بعد الوداع من باب حزورة، ودخل إلى عرفات من طريق ضب وخرج من طريق المأزمين، وأتى إلى جمرة العقبة يوم العيد من الطريق الوسطى التي يخرج منها إلى خارج منى ثم يعطف على يساره إلى الجمرة ثم لما رجع إلى موضعه بمنى الذي نحر فيه هديه وحلق رأسه رجع من الطريق المتقدمة التي يسير منها جمهور الناس اليوم انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
قلت: والطريق الوسطى التي ذكرها شيخ الإسلام هي المعروفة الآن بسوق العرب والذي يأتي مع هذه