للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول فلم يتعلق به حكمه كمن أدرك الليل بعرفات دون النهار انتهى ومثله في الشرح، وأما الرعاة والسقاة فلا دم عليهم بالدفع قبله لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة والسقاة فلا دم عليهم بالدفع قبله لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة في ترك البيتوتة لحديث عدي (ورخص للعباس في ترك البيتوتة لأجل سقايته) ولأن عليهم مشقة لحاجتهم إلى حفظ مواشيهم وسقي الحاج فكان لهم ترك المبيت بمزدلفة كليالي منى، قال الشيخ سليمان بن علي في منسكه: وأما الرعاة فهم رعاة الإبل، وأما السقاة فالظاهر إنهم الذين يأتون بالماء للحاج وليس كذلك، وإنما هذه الرخصة لسقاة زمزم لأن الرخصة إنا وقعت للعباس وهو صاحب زمزم انتهى.

قلت: ويدل لذلك قوله في المنتهى وشرحه: وفيه أي الدفع من مزدلفة قبله: أي نصف الليل على غير رعاة وغير سقاة زمزم دم انتهى، قال في الشرح الكبير: وليس له الدفع قبل نصف الليل، فإن فعل فعليه دم، وإن دفع بعده فلا شيء عليه وبه قال الشافعي، وقال مالك: إن مر بها ولم ينزل فعليه دم، وإن نزل فلا دم عليه متى ما دفع. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها وقال (لتأخذوا عني مناسككم) وإنما أبيح الدفع بعد نصف الليل بما ورد من الرخصة فيه انتهى ومثله في المغني. قلت: حكم المبيت بمزدلفة يشتمل على صور: الأولى أتى مزدلفة في النصف الأول من الليل ودفع منها قبل مضي نصف الليل ولم يعد إليها قبل الفجر، الثانية لم يأت مزدلفة إلا بعد الفجر، الثالثة أتى مزدلفة في النصف الأول من الليل ودفع منها بعد نصف الليل، الرابعة أتى مزدلفة في النصف الآخر من الليل ودفع منها قبل أن يبيت بها، الخامسة دفع من مزدلفة قبل نصف الليل الأول وعاد إليها قبل الفجر؛ فعليه في الأولى والثانية دم على غير سقاة ورعاة وليس عليه في الثالثة والرابعة والخامسة شيء هذا مقتضى كلام فقهائنا رحمهم الله، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>