قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ثم سار صلى الله عليه وسلم حتى أتى المزدلفة فتوضأ وضوء الصلاة ثم أمر المؤذن بالاذان فأذن المؤذن ثم أقام فصلى المغرب قبل حط الرحال وتبريك الجمال فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة ثم صلى عشاء الآخرة بلا أذان ولم يصل بينهما شيئاً ثم نام حتى أصبح ولم يحيي تلك الليلة ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء، وأذن في تلك الليلة لضعفة أهله أن يتقدموا إلى منى قبل طلوع الفجر وكان ذلك عند غيبوبة القمر وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس. حديث صحيح صححه الترمذي وغيره، وأما حديث عائشة رضي الله عنها (أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عندها) . رواه أبو داود، فحديث منكر أنكره الإمام أحمد وغيره ثم ذكر ما يدل على إنكاره، ثم قال: ومما يدل على بطلانه ما ثبت في الصحيحين عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: (استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أن تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة قالت فأذن لها فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه، ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة أحب إليّ من مفروح به) فهذا الحديث الصحيح يبين أن نساءه غير سودة إنما دفعن معه. فإن قيل: فما تصنعون بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أم حبيبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها من جمع بليل) قيل قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم تلك الليلة ضعفة أهله وكان ابن عباس فيمن قدم، وثبت أنه قدم سودة، وثبت أنه حبس نساءه عنده حتى دفعن بدفعه، وحديث أم حبيبة انفرد به مسلم فإن كان محفوظاً فهي إذاً من الضعفة التي قدمها.