للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فما تصنعون بما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر) قيل نقدم عليه حديثه الآخر الذي رواه أيضاً الإمام أحمد والترمذي وصححه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله وقال لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) ولفظ أحمد فيه (قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات لنا من جمع فجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) لأنه أصح منه، وفيه (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رمي الجمرة قبل طلوع الشمس) وهو محفوظ بذكر القصة فيه. قلت وقد رواه الخمسة وصححه الترمذي ولفظه: (قدم ضعفة أهل وقال لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) وأخرجه أيضاً الطحاوي وابن حبان وصححه وحسنه الحافظ في الفتح وله طرق، وقوله أغيلمة منصوب على الاختصاص أو على الندب، والمراد بهم الصبيان، وحمرات بضم الحاء المهملة والميم جمع لحمر وحمر جمع لحمار، ويلطح بفتح الياء التحتية والطاء المهملة وبعدها حاء مهملة قال الجوهري: اللطح الضرب اللين على الظهر ببطن الكف انتهى. وإنما فعل صلى الله عليه وسلم ذلك ملاطفة لهم، وقوله أبيني بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون ياء التصغير وبعدها نون مكسورة ثم ياء النسبة المشددة قاله ابن رسلان في شرح السنن، قال في النهاية: الأبيني بوزن الأعيمي تصغير الأبناء بوزن الأعمى وهو جمع ابن انتهى.

رجعنا إلى كلام ابن القيم رحمه الله، قال: ثم تأملنا فإذا أنه لا تعارض بين هذه الأحاديث فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي، أما من قدمه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمتهم، وهذا الذي دلت عليه السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>