للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أو كبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك. وفي المسألة ثلاثة مذاهب: أحدها الجواز بعد نصف الليل مطلقاً للقادر والعاجز كقول الشافعي وأحمد رحمهما الله. والثاني لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر كقول أبي حنيفة رحمه الله.

والثالث لا يجوز لأهل القوة إلا بعد طلوع الشمس كقول جماعة من أهل العلم، والذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل بعد غيبوبة القمر لا نصف الليل، وليس مع من حده بالنصف دليل والله أعلم، ثم ذكر حديث عروة بن مضرس الطائي ثم قال وبهذا احتج من ذهب إلى أن الوقوف بمزدلفة والمبيت بها ركن كعرفة وهو مذهب اثنين من الصحابة: ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم، وإليه ذهب إبراهيم النخعي والشعبي وعلقمة والحسن البصري وهو مذهب الأوزاعي وحماد بن أبي سليمان وداود الظاهري وأبي عبيد القاسم بن سلام، واختاره المحمدان: ابن جرير، وابن خزيمة، وهو أحد الوجوه للشافعية، واحتج من لم يره ركنا بأمرين: أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مد وقت الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر، وهذا يقتضي أن من وقف بعرفة قبل طلوع الفجر بأيسر زمان صح حجه، ولو كان الوقوف بمزدلفة ركنا لم يصح حجه، الثاني أنه لو كان ركنا لاشترك فيه الرجال والنساء فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بالليل علم أنه ليس بركن، وفي الدليلين نظر فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قدمهن بعد المبيت بمزدلفة وذكر الله تعالى بها لصلاة عشاء الآخرة والواجب هو ذلك، وأما توقيت بعرفة إلى الفجر فلا ينافي أن يكون المبيت بمزدلفة ركنا وتكون تلك الليلة وقتاً لهما كوقت المجموعتين من الصلوات، وتضييق القوت لإحداهما لا يخرجه عن أن يكون وقتاً لهما حال القدرة انتهى. كلام ابن القيم رحمه

<<  <  ج: ص:  >  >>