محرماً فيها كالسلام من الصلاة انتهى. واختار ابن القيم رحمه الله أن الحلق نسك وليس بإطلاق من محظور، وهو الذي مشى عليه في المنتهى والإقناع وغيرهما من كتب الأصحاب وهو المذهب، فعليه إذا ترك الحلق والتقصير معاً وجب عليه دم، وعلم من كونهما نسكاً أنه لا بد من نيتهما كنية الطواف نبه عليه الشيخ منصور في كل من شرح المنتهى والحاشية، وإن أخر الحلق والتقصير عن أيام منى فلا دم عليه لأنه لا حدَّ لآخرهما كما أنه لا حدَّ لطواف الإفاضة لقوله تعالى:(ولا تحلقوا رءوسكم حتى تبلغ الهدي محله) فبين أول وقته دون آخره فمتى أتى به أجزأه، وبهذا قال عطاء وأبو يوسف وأبو ثور.
وعن أحمد عليه دم بتأخيره الحلق والتقصير عن أيام منى، وهو مذهب الحنفية لأنه نسك أخره عن محله، ومن ترك نسكاً فعليه دم، ولا فرق في التأخير بين القليل والكثير والعامد والساهي، وقال مالك الثوري وإسحق وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن: من تركه حتى حل فعليه دم لأنه نسك فوجب أن يأتي به قبل الحل كسائر مناسكه، قال في الشرح الكبير: وهل يحل قبله؟ فيه روايتان: إحداهما أن التحلل إنما يحصل بالحلق والرمي معاً وهو ظاهر كلام الخرقي وقول الشافعي وأصحاب الرأي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء) وترتيب الحل عليهما دليل على حصوله بهما ولأنهما نسكان يتعقبها الحل فكان حاصلاً بهما كالطواف والسعي في العمر. والثانية يحصل التحلل بالرمي وحده وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور، قال شيخنا (يعني عمه الموفق) وهو الصحيح إن شاء الله تعالى لقوله في حديث أم سلمة (إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء) وكذلك قال ابن عباس: قال بعض أصحابنا هذا ينبني على الخلاف في الحلق إن قلنا هو نسك حصل الحل به، وإلا حصل بالرمي وحده وهو الذي ذكره شيخنا