حدثنا ابن أبي الوزير، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طلق عن قزعة قال: أتيت ابن عمر فقلت إني أريد الطور؟ فقال:(إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى فدع عنك الطور فلا تأته) رواه أحمد بن حنبل في مسنده، وهذا النهي عن بصرة ابن أبي بصرة وابن عمر ثم موافقة أبي هريرة يدل على أنهم فهموا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم النهي فلذلك نهوا عنه لم يحملوه على مجرد نفي الفضيلة وكذلك أبو سعيد الخدري رواية أيضاً وحديثه في الصحيحين فروى أبو زيد، حدثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، حدثنا شهر بن حوشب قال: سمعت أبا سعيد وذكر عنده الصلاة في الطور فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد تبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) فأبو سعيد جعل الطور مما نهى عن شد الرحال إليه مع أن اللفظ الذي ذكره إنما فيه النهي عن شدها إلى المساجد فدل على أنه علم أن غير المساجد أولى بالنهي، والطور إنما يسافر من يسافر إليه لفضيلة البقعة وأن الله سماه الوادي
المقدس والبقعة المباركة وكلم الله موسى هناك فالصحابة الذي سمعوا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم فهموا منه النهي وفهموا منه تناوله لغير المساجد وهم أعلم بما سمعوه، والله أعلم.
وأما طلب الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته فليس بجائز، والحكاية المنسوبة عن الإمام مالك بن أنس الذي جاء فيه أنه قال لأبي جعفر المنصور: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام، بل استقبله واستشفع به يشفعه الله فيك، قال الله تعالى:(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الآية. حكاية باطلة فإن هذا الحكاية لم يذكرها أحد من الأئمة فيما أعلم