للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يذكر أحد منهم أنه يستحب أن يسأل بعد الموت لا استغفاراً ولا غيره، وكلام الإمام مالك المنصوص عنه وعم أمثاله ينافي هذا، وإنما يعرف مثل هذا في حكاية ذكرها طائفة من متأخرى الفقهاء أنه يروى عن العتبي أنه قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله: سمعت الله يقول (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) وتلا هذه الآية وأنشد هذين البيتين:

يا خير من دفنت بالبقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم.

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم.

ثم انصرف الأعرابي فحملتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا عتبى الحق الأعرابي فبشره أن الله تعالى قد غفر له، ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك واحتجوا بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعاً مندوباً لكان الصحابة والتابعون أعلم به وأعمل به من غيرهم، وليس كل من قضيت حاجته بسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعاً مأموراً به، وهذه الحكاية يرويها بعضهم عن العتبي بلا إسناد، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي، وقد ذكرها البيهقي في شعب الإيمان بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد البصري، حدثني أبو حرب الهلالي، قال: حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ثم ذكر نحو ما تقدم، وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب، وفي الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن الأعرابي

<<  <  ج: ص:  >  >>