عن عمر وابنه وزيد وابن عباس وابن الزبير ومروان، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وهو الصحيح من المذهب. وعن أحمد لا قضاء عليه بل إن كانت فرضاً فعلها بالوجوب السابق وإن كانت نفلاً سقطت، وروى هذا عن عطاء وهو إحدى الروايتين عن مالك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الحج أكثر من مرة قال: بل مرة واحدة ولو أوجبنا القضاء كان أكثر من مرة، ولأنه معذور في ترك إتمام حجه فلم يلزمه القضاء كالمحصر ولأنها عبادة تطوع فلم يجب قضاؤها كسائر التطوعات، ووجه الرواية الأولى التي هي المذهب ما ذكرنا من الحديث وإجماع الصحابة: وأما قوله صلى الله عليه وسلم (الحج مرة) فالمراد به الواجب بأصل الشرع حجة واحدة وهذه إنما وجبت بإيجابه لها بالشروع فيها كالمنذورة. وأما المحصر فإنه غير منسوب إلى تفريط فلذا لا يجب عليه قضاء النفل، بخلاف من فاته الحج انتهى.
قال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في المنهج وشرحه: ولا إعادة على محصر تحلل لعدم وروده ولأن الفوات نشأ عن الإحصار الذي لا صنع له فيه، فإن كان نسكه فرضاً ففي ذمته إن استقر عليه، وإن لم يستقر اعتبرت استطاعته بعد زوال الإحصار إن وجدت وجب وإلا فلا، وعلى من فاته وقوف بعرفة تحلل ويحصل بعمل عمرة بأن يطوف ويسعى ويحلق وعليه دم وإعادة فوراً للحج الذي فاته بفوات الوقوف تطوعاً كان أو فرضاً كما في الإفساد انتهى.
قال البجيرمي في حاشيته على المنهج وشرحه: فإن قلت هلا وجب القضاء على المحصر قياساً على الفوات؟ قلت: لا لأن المحصر أذن له الشارع في الخروج من العبادة فكان حجه غير واجب الإتمام فلا يجب تداركه بخلاف الفوات انتهى كلام البجيرمي الشافعي، وإذا قضى حجته الفائتة أجزأه القضاء عن الحجة الواجبة بغير خلاف لأن الحجة المقضية لو تمت لأجزأت عن الواجبة عليه، فكذلك