للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين الظفر بالمشركين فترك القتال أولى خوفاً على المسلمين، فإن أذن العدو للحاج في العبور فلم يثقوا بهم فلهم الانصراف والتحلل، وإن وثقوا بهم لزمهم المضي على الإحرام لإتمام النسك إذ لا عذر لهم إذاً، وإن طلب العدو خفارة على تخلية الطريق للحجيج وكان العدو ممن لا يوثق بأمانة لعادته بالغدر لم يلزم بذلك المال المطلوب خفارة لأنه إضاعة للمال من غير وصول للمقصود، وإن وثق بأمانة والخفارة كثيرة فكذلك لا يجب بذلها للضرر، قال في الإقناع وشرحه: بل يكره بذلها: أي الخفارة إن كان العدو كافراً لما فيه من الذل والهوان وتقوية الكفار، وإن كانت الخفارة يسيرة فقياس المذهب وجوب بذله: أي مال الخفارة قال الموفق والشارح وصححه في تصحيح الفروع لأنه ضرر يسير كماء الوضوء، وقال جماعة من الأصحاب: لا يجب بذل خفارة بحال كما في ابتداء الحج لا يلزمه إذا لم يجد طريقاً آمناً من غير خفارة انتهى، وفي المنتهى وشرحه ويباح تحلل من إحرام لحاجة إلى قتال إلى قتال أو على بذل مال كثير مطلقاً أو يسير لكافر، لا لحاجة بذلك مال يسير لمسلم لأن ضرره يسير انتهى، فعلى ما في المنتهى إذا طلب الكافر من الحجاج مالاً ولو

يسيراً لم يجب عليهم بذله ويباح لهم التحلل، وعلى ما في الإقناع يجب على قياس المذهب بذل المال اليسير لكافر كما يجب للمسلم ولا يتحلل من الإحرام، قال شيخ الإسلام: الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر، ولا يجوز مع عدم الحاجة إليها كما يأخذه السلطان من الرعايا انتهى. وقال الجمهور: لا يلزمه الحج مع الخفارة وإن كانت يسيرة ذكره في المبدع. قلت: الذي تطمئن له النفس وعليه عمل المسلمين قديماً وحديثاً هو ما قاله شيخ الإسلام والله أعلم، وبهذه المناسبة نذكر ما حصل في عامنا هذا سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وألف، وهو أن

<<  <  ج: ص:  >  >>