للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باتفاق الأئمة الأربعة، والإحرام بالحج قبل أشهره ليس مسنوناً بل مكروه، وإذا فعله فهل يصير محرماً بعمرة أو بحج؟ فيه نزاع.

وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، فهذا إن ساق الهدي بالقران أفضل له، وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم جميعهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي هو وطائفة من أصحابه وقرن هو بين العمرة والحج فقال: لبيك عمرة وحجاً) ولم يعتمر أحد بعد الحج ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا عائشة وحدها لأنها كان قد حاضت فلم يمكنها الطواف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت) فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة لأنها كانت متمتعة، ثم إنها طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعيم ولم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر لا في رمضان ولا في غيره، والذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إلا عائشة كما ذكر، ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين والذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفره ويعتمر في أخرى ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط اللهم إلا أن يكون شيئاً نادراً، وقد تنازع السلف في هذا هل

<<  <  ج: ص:  >  >>