وعن عائشة رضي الله عنها -أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس. ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس"(١) رواه ابن حبان في صحيحه.
ــ
التمس: طلب.
المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطريق الذي يحصل به رضا الله، ورضا الناس، والطريق الذي يحصل به سخط الله، وسخط الناس. وذلك أن الناس لقصور معرفتهم بالعواقب وغلبة المؤثرات عليهم، قد تتعارض رغبتهم مع ما شرعه الله مما فيه صلاحهم عاجلاً وآجلاً، وهنا يتميز موقف المؤمن الصحيح الإيمان من موقفٍ مزعزع الإيمان. فالمؤمن يؤثر رضا الله على رضا الناس، فيستمر مع شرع الله لا تأخذه في الله لومة لائم، فيتولاه بنصره؛ لأنه قد اتقى الله {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}[الطلاق: ٢] .
ومزعزع الإيمان يؤثر رضا الناس على رضا الله فيحقق لهم مطلوبَهم وإن كان مخالفاً لما شرعه الله، وهذا في الحقيقة قد خاف الناس ولم يخف الله، وسينعكس عليه مراده فينقلب حامده في الناس ذامّاً، ولن يغنوا عنه من الله شيئاً، فضر نفسه وضر من أراد نفعهم بمعصية
(١) أخرجه ابن حبان كما في موارد الظمآن برقم "١٥٤١، ١٥٤٢"، والترمذي برقم "٢٤١٦".