للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَفْعِلْ= صورة أخرى من أفعل التفضيل

بـ= مضمَّنة معنى اللام

زيد= المفضَّل وقد أصبح متعجبًا منه

والمعنى ما أشد عجبي له, والتركيب مسكوك ثابت الصورة, والمعنى في الحالتين على الإفصاح "أي: التعبير عن الانفعال والتأثر".

٤- خالفة المدح أو الذم, ويسميها النحاة: "فعلي المدح والذم", ولكنهم اختلفوا حول المعنى التقسيمي لهاتين الخالفتين, فرآها بعضهم أفعالًا ورآها آخرون أسماء١, وذهب كل من الفريقين يلتمس القرائن المؤيدة لرأيه, فأما القائلون بالفعلية فقالوا: إنها ترفع الاسم الظاهر وضميره, وتقبل التاء الساكنة كالأفعال, وأما القائلون بالاسمية فقالوا: إن حرفي الجر والنداء يدخلان عليها, فالنضام الذي بينها وبينهما قرينة على اسمتيها, وغفل الأوّلون عن أنّ هذين اللفظين لا يقبلان من علامات الأفعال إلّا هذه التاء الساكنة, أما تاء فعلت وياء افعلي ونون أقبلن والتصرف إلى مضارع وأمر, بل التصرف في داخل الإسناد فيما عدا قبول تلك التاء, فلا يقبل شيئًا منه, وكل ذلك يطعن في فعليتهما, وغفل الآخرون عن أن حرف الجر يدخل على الجملة المحكيّة حين يقصد لفظها, فليس في دخول الباء على نعم في "والله ما هي بنعم الولد" ما يؤكد اسميتها, ولا سيما إذا نظرنا إلى إبائها قبول بقية علامات الأسماء, زد على ذلك أن هذين اللفظين ليس معناهما الفعل الماضي كما زعم القائلون بذلك، وإنما معناهما الإفصاح عن تأثر وانفعال دعا إلى المدح أو الذم, بل إن ابن جني في اللمع يقول: إن معناهما "المبالغة" في المدح والذم, وتعبيره بالمبالغة يتَّجه اتجاه تعبيري بالإفصاح, وفي كلا التعبيرين إشارة إلى ما هو أكثر من مجرد المدح أو الذم. والذي يقال في نعم وبئس يقال أيضًا في حبذا ولا حبذا, فلا صلة لهما بمعنى مشتقات مادة "ح ب ب", وإنما يقوم التعبير بهذه الخوالف الأربع جميعًا مقام التعبيرات المسكوكة كما سبق في التعجب, فالتعبير هنا بكلماتٍ لا تتغيّر صورتها ولا يتغير ما تقرر لها من الرتبة, فهي على حد تعبير الأشموني جارية مجرى الأمثال٢, أو كما قال ابن مالك: فهو يضاهي


١ الأشموني: باب نعم وبئس.
٢ انظر الأشموني والمقرب لابن عصفور.

<<  <   >  >>