قد يبدو للقارئ من أول وهلة أن هذا العنوان "الإبدال والإعلال" يحمل في طيه زعمًا بأن العرب كانوا ينطقون شيئًا ثم أبدلوا به شيئًا آخر أو أعلُّوه. وهذا الظن أبعد ما يكون عن الصواب, فالتقابل هنا ليس بين مستعْمَلٍ قديم متروك ومستَعْمَلٍ جديد منطوق, وإنما التقابل كما ذكرنا من قبل هو بين مايقرره النظام وما يتطلبه السياق, أي: بين القواعد الصوتية وبين الظواهر الموقعية, ويتخذ الإبدال في اللغة العربية الصور الآتية:
أ- إبدال الصحيح بالصحيح: كإبدال الطاء من تاء الافتعال إذا كانت فاؤه حرفًا مطبقًا وهو الصاد والضاد والطاء والظاء، وكإبدال الدال بهذه التاء إذا كانت فاء الكلمة دالًا أو ذالًا أو زايًا؛ فمثال الأربعة الأوائل: اصطبر واضطر واطلع واظطلم, ومثال الثلاثة الأخيرة: ادَّان وادَّكر وازداد.
ب- إبدال الصحيح بالليِّن: وذلك كإبدال الهمزة بالواو والياء في كساء وقائل وصحائف وقوائل, وكإبدال الهمزة أيضًا بأولى الواوين في أول الكلمة مثل: أوائل وأواق وأواصل والأولى, ومن ذلك أيضًا إبدال التاء بالواو إذا كانت الواو فاءً للافتعال نحو: اتَّكل.
جـ- إبدال المد بالصحيح: كجعل ثانية الهمزتين حين تكون ساكنة في الكلمة نفسها مد لحركة أولاها نحو: آثر وايتمن.
د- إبدال اللين باللين: كجعل الواو ياء في رضيّ وحديَّة وعيادة وديار وحياض وأعطيت ولي ونُيِّمَ وعصيّ, وكجعل الياء واوًا في موسر وقضو ومرموة ورموان وخورى وتقوى وحُزْوى.
هـ- إبدال اللين بالمد: كجعل الألف ياء في غزيّل.
و إبدال المد بالمد: كجعل الألف ياء مد في دنانير ومصابيح, وجعلها واوًا ممدودة في بويع وقوتل.
ويحلو للنحاة أن يسموا الصور أ، ب، حـ، صور "إزالة", والصور د، هـ، و، صور "إحالة".