ومما يعود في الذوق العربي أيضًا إلى كراهية التنافر ما يسمونه ظاهرة المناسبة vowel harmony فالمعروف أن الفتحة وألف المدم من قبيل صوتي واحد, وأن الكسرة وياء المد من قبيل آخر, وأن الضمة وواو المد من قبيل ثالث, فكل حركة من هذه الحركات الثلاث تناسب ما كان من قبيلها. ولقد لاحظ النحاة أن موقعا ما قد يتطلب حركة معينة بحكم النظام, أي: بحسب القاعدة, ولكن هذه الحركة المطلوبة قد تتنافر مع ما يجاورها, أو على الأقل لا تناسبه, ومن هنا يبدو السياق وقد اتخذ في مكان هذه الحركة حركة أخرى تتناسب مع ما يجاورها.
ولقد سجل النحاة تحت عنوان: المناسبة حركة واحدة هي الكسرة قبل ياء المتكلم من نحو: "هذا كتابي" ولكننا نستطيع أن نضيف إلى ذلك عددًا من حركات المناسبة في مواقع أخرى, ومن هذه الحركات ما يلي:
١- بناء الماضي على الضم لمناسبة واو الجماعة في نحو: ضربوا, فهذه الضمة لا يمكن تفسيرها إلّا تحت عنوان المناسبة.
٢- تحريك عين المضارع المسند إلى واو الجماعة بالضمِّ في جميع حالاته الإعرابية نحو: يضربون ولن يضربوا ولم يضربوا, فهذه الضمة للمناسبة أيضًا.
٣- تحريك لام فعل الأمر بالضمِّ عند إسناده إلى الواو نحو: اضربوه, وذلك للمناسبة كذلك.
٤- تحريك لام الفعل المضارع المسند إلى ياء المخاطبة بالكسر لمناسبة الياء في جميع الحالات الإعرابية نحو: تضربين ولن تضربي ولم تضربي.