ب- الصفة:
ذكر الأشموني تحت عنوان: "الصفة المشبهة باسم الفاعل"١, أن الشارح عرَّف الصفة المشبهة بقوله: "ما صيغ لغير تفضيل من فعل لازم لقصد نسبة الحدث إلى الموصوف به دون إفادة معنى الحدوث". وواضح أن المقصود بالحدث هنا معنى المصدر, وأن المراد بالحدوث الوقوع, فإذا أضفنا إلى ذلك أنه عرَّف اسم الفاعل بأنه الصفة الدالة على فاعل, وعرَّف اسم المفعول بأنه ما دلَّ على الحدث ومفعوله, وأن مدلول صيغ المبالغة هو المبالغة والتكثير, وأن معنى اسم التفضيل هو التفضيل, أدركنا أن الصفة -والمقصود هنا صفة الفاعل أو المفعول أو المبالغة أو المشبهة أو التفضيل- لا تدل على مسمَّى بها, وإنما تدل على موصوفٍ بما تحمله من معنى الحدث -أي معنى المصدر, وهي بهذا خارجة عن التعريف الذي ارتضاه النحاة للاسم حين قالوا: الاسم ما دلَّ على مسمى, والصفات كما ذكرنا خمس هي:
- صفة الفاعل
- صفة المفعول
- صفة المبالغة
- الصفة المشبهة
- صفة التفضيل
وتختلف كل صفة منها عن الأخريات مبنًى ومعنًى, فأما من حيث المبنى فلكل صفة منها صيغ خاصة بها, وأما من حيث المعنى فقد رأينا كيف فرَّق الأشموني بين معانيها في العبارات التي أوردناها منذ قليل, ولكننا مع ذلك يجب أن نصف اختلافها في المعنى على طريقتنا نحن, وألا نقنع بما ساقه الأشموني.
فصفة الفالع تدل على وصف الفاعل بالحدث منقطعًا متجددًا, وصفة المفعول تدل على وصف المفعول بالحدث كذلك على سبيل الانقطاع والتجدد, وصفة المبالغة تدل على وصف الفاعل بالحدث على طريق المبالغة, والصفة المشبهة تدل على وصفه به على سبيل الدوام والثبوت, وصفة التفضيل تدل على وصفه به أيضًا على سبيل تفضيله على غيره ممن يتصف بالحدث على طريقة أي من الصفات السابقة. مما سبق يمكن أن نرى أن القيم الخلافية المتعلقة بالمعنى, والتي تفرق بين صفة وأخرى من الصفات السابقة هي: الانقطاع في مقابل الاستمرار أو الدوام, ثم التجدد في مقابل الثبوت, ثم المبالغة في مقابل مجرد الوصف, ثم التفضيل في مقابل كل ما عداه من الصفات. ولا شكّ أن الانقطاع والاستمرار, أو الدوام والتجدد والثبوت والمبالغة والتفضيل, مما يمكن عدَّه من "معاني الجهة", وهي معانٍ نرجئ القول فيها إلى مكانه من الكلام في نظام الزمن النحوي.
على أن الصفة المشبهة من بين هذه تتعدد صيغها تعددًا يجعلها صالحة للبس من حيث المبنى مع كل واحدة من الصفات الأخرى لولا أن معناها يختلف -من حيث هو الدوام والثبوت- عن معاني الصفات, فيوضح أن هذه الصيغة المعرَّضة للإلباس تنجو منه بفضل ما يفهم منها من معنى الثبوت والدوام
١ شرح الأشموني على ألفية ابن مالك, تحقيق: محي الدين عبد الحميد, ص٣٥٥.